بطلان كلام ابن أبي زيد والنقض على المجسمة الذين يستدلون بكلامه:

عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 484
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

بطلان كلام ابن أبي زيد والنقض على المجسمة الذين يستدلون بكلامه:

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

بطلان كلام ابن أبي زيد والنقض على المجسمة الذين يستدلون بكلامه:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(531):
[ ابن أبي زيد ( 389):
531- قال الإمام أبو محمد بن أبي زيد المغربي شيخ المالكية في أوَّل رسالته المشهورة في مذهب مالك للإمام: ((وأنه تعالى فوق عرشه المجيد بذاته، وأنه في كل مكان بعلمه)). قد تقدَّم مثل هذه العبارة عن أبي جعفر بن أبي شيبة، وعثمان بن سعيد الدارمي، وكذلك أطلقها يحيى بن عمَّار واعظ سجستان في رسالته، والحافظ أبونصر الوائلي السجزي في كتاب ((الإبانة)) له، فإنه قال: ((وأئمتنا كالثوري ومالك والحمادين وابن عُيَيْنَة وابن المبارك والفضيل وأحمد وإسحاق متفقون على أنَّ الله فوق العرش بذاته وأنَّ علمه بكل مكان))، وكذلك أطلقها ابن عبدالبر كما سيأتي وكذا عبارة شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاريفإنه قال: ((وفي أخبار شتى أنَّ الله في السماء السابعة على العرش بنفسه)) وكذا قال أبوالحسن الكَرَجِي الشافعي في تلك القصيدة:
عقائدهم أنَّ الإله بذاتـه على عرشه مع علمه بالغوائـب
وعلى هذه القصيدة مكتوب بخط العلامة تقي الدِّين ابن الصلاح: ((هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث)) وكذا أطلق هذه اللفظة: أحمد بن ثابت الطرقي الحافظ، والشيخ عبدالقادر الجيلي، والمفتي عبدالعزيز القحيطي وطائفة.
والله تعالى خالق كل شيء بذاته، ومدبّر الخلائق بذاته بلا معين ولا مؤآزر، وإنما أراد ابن أبي زيد وغيره التفرقة بين كونه تعالى معنا وبين كونه فوق العرش، فهو كما قالوا معنا بالعلم، وأنه على العرش كما أعلمنا حيث يقول {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقد تَلَفَّظ بالكلمة المذكورة جماعة من العلماء كما قدَّمنا، وبلا ريب إنَّ فضول الكلام تركه من حُسْنِ الإسلام.
وكان ابن أبي زيد من العلماء العاملين بالمغرب، وكان يُلَقَّب بمالك الصغير، وكان غاية في معرفة علم الأصول، وقد ذكره الحافظ ابن عساكر في كتاب "تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري" ولم يذكر له وفاة، توفي سنة ست وثمانين وثلاثمائة وقيل سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وقد نقموا عليه في قوله (بذاته) فليته تركها].


أقول في بيان بطلان هذا الكلام وبيان آفاته:

قول ابن أبي زيد (فوق عرشه المجيد بذاته)؛ قول مردود على ابن أبي زيد، وهو غالط فيه ولا دليل عليه إذ لم ترد هذه اللفظة في الكتاب ولا في السنة وهي تدل على التجسيم! وقد قال الذهبي هنا بعد أسطر عن ابن أبي زيد القيرواني هذا: [وقد نقموا عليه في قوله (بذاته) فليته تركها]، وهذا يثبت لنا أن في علماء عصره مَن ينكر هذا! ولهذا نقم على ابن أبي زيد أهل العلم! وابن عبد البر منهم! فقد كان عمره عند وفاة ابن أبي زيد (21) سنة! قال ابن عبد البر في "التمهيد" (7/144) عن يحيى بن عثمان بن صالح قال: [وَقَالَ نُعَيم (بن حماد): يَنْزِلُ بِذَاتِهِ وَهُوَ عَلَى كُرْسِيِّهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ هَذَا كَيْفِيَّةٌ وَهُمْ يَفْزَعُونَ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إِلَّا فِيمَا يُحَاطُ بِهِ عِيَانًا وَقَدْ جَلَّ اللَّهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ]. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/508): عند شرح حديث: ((إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى)): [وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته ومهما تؤول به هذا جاز أن يتأول به ذاك والله أعلم]. وقد تأثر جماعة من المالكية في ذلك الزمن الذي كان فيه ابن أبي زيد القيرواني بمذهب الحنابلة المثبتة من أهل الحديث المائلين إلى التجسيم والتشبيه على طريقة الأشعري والباقلاني من إثبات صفات لله تعالى لا يرضى بها عقلاء الأئمة من الأشاعرة المنزهين! ومن أولئك المجسمة المالكية: (ابن أبي زَمَنَين) (324-399 هـ) له كتاب "أصول السنة" على طريقة الحنابلة، وهو مطبوع، روى عنه أبو عمرو الداني. و(الطَّلَمَنْكي) من المجسمة: (339-429 هـ) وهو صاحب كتاب "السنة" وهو من شيوخ ابن حزم وابن عبد البر، و(ابن خويز منداد) (ت390هـ) وكان يقول بضلال الأشعرية، و(أبو عمرو الداني الأموي) (371-444هـ) مولاهم الأندلسي المالكي وهو أسوأهم وأشنعهم عبارة في منظومته "المنبهة"! وكتابه المسمى "الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات وأصول الديانات" وفيه إثبات العينين واليدين والوجه والنزول ونحو ذلك! وكان من تلامذة ابن أبي زَمَنَينِ كما في ترجمته في "سير النبلاء" (18/77). و(ابن رشد الحفيد) (520-595هـ) صاحب "مناهج الأدلة" مثبت الجسمية والجهة. وغيرهم. وقد ألَّف ابن أبي زيد رسالته على ما حكاه الذهبي في ((السير)) (17/12) وعمره (17) عاماً. وقد غلَّط المالكية ابن أبي زيد في هذه اللفظة التي ذكرها واعتبرها بعضهم مدسوسة عليه كمن يجد ذلك مَنْ يُراجع شروحهم عليها!! وكما اعترف الذهبي نفسه بذلك في آخر هذه الأسطر التي فيها كلام ابن أبي زيد والتعليق عليه!! فكيف يصح التعويل على ما هو مدسوس أو على غلطة أو هفوة صدرت عن بعض العلماء غلَّطه عليها أكابر أهل مذهبه؟ ثمَّ إنَّ الذهبي نفسه ذكر في ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)) (17/12) أنه كان على طريقة السلف في الأصول، لا يدري الكلام!! فإذا كان كذلك فلا يصح التعويل على لفظةٍ باطلةٍ صدرت عنه لم تَرِدْ في كتاب ولا في سنة صحيحة وهي مردودة حسب قواعد علم الكلام!! وقال العلامة الحافظ ابن بَطَّال المالكي (ت449هـ) في شرحه على "صحيح البخاري" (10/453): [وكذلك لا شبهة لهم فى قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} لأن صعود الكلم إلى الله تعالى لا يقتضى كونه فى جهة العلو، لأن البارى تعالى لا تحويه جهة؛ إذ كان موجودًا ولا جهة، وإذا صح ذلك وجب صرف هذا عن ظاهره وإجراؤه على المجاز؛ لبطلان إجرائه على الحقيقة... وأما وصف الكلام بالصعود إليه فمجاز أيضًا واتساع؛ لأن الكلم عَرَض والعَرَض لا يصح أن يفعل؛ لأن من شرط الفاعل كونه حيًا قادرًا عالمًا مريدًا، فوجب صرف الصعود المضاف إلى الكلم إلى الملائكة الصاعدين به]. وكلام الحافظ ابن بَطَّال مهم جداً في بيان طريقة المالكية المتقدمين في التنزيه البعيدة عن طريقة ابن أبي زيد وأمثاله من المائلين إلى الجهة والتشبيه! وقال العلامة العيني الحنفي في "شرح البخاري" (7/199) عند الكلام على حديث النزول: [احتج به قوم على إثبات الجهة لله تعالى وقالوا هي جهة العلو، وممن قال بذلك ابن قتيبة وابن عبد البر، وحكي أيضاً عن أبي محمد بن أبي زيد القيرواني، وأنكر ذلك جمهور العلماء لأن القول بالجهة يؤدّي إلى تحيز وإحاطة وقد تعالى الله عن ذلك].

ومن جاء ذكرهم فنقول:
كل هؤلاء من المجسمة والمشبهة الذين لا عبرة بأقوالهم! وقد انتقد الذهبي هذه اللفظة عليهم!!

ونسبة إطلاق عبارة :" إن الله بذاته فوق العرش لابن عبد البر ، فنقول
:
ابن عبد البر لم يقل (بذاته) ولم يذكر هذه اللفظة بل أنكرها كما تقدَّم وسيأتي، والسجزي لم يذكر لفظ (بذاته) كما نقل الذهبي نفسه هذه العبارة بعينها في "سير أعلام النبلاء" (17/656) عن أبي نصر السجزي دون لفظة (بذاته)، والظاهر أن الذهبي نقل في "العلو" وهو صغير السن هذه العبارة بلفظ (بذاته) عن ابن تيمية فإنه كما يظهر هو الذي زاد تلك اللفظة في عبارة السجزي كما نجده في "بيان تلبيس الجهمية" (2/33)، وإذا كان السجزي قد قالها في عبارته ونقلها عن هؤلاء الأئمة فقد كذب عليهم! فعلماء السلف كالثوري ومالك لم يقولوا (بذاته)، ثم وجدت الذهبي نص هنا بعد ورقات في ترجمة السجزي التي رقمها (149) في النص رقم (544) على أن لفظة (بذاته) من زيادات السجزي على الأئمة فقال: [قلت: هذا الذي نقله عنهم مشهور ومحفوظ سوى كلمة (بذاته) فإنها مِنْ كِيْسِهِ](!!) وهذا إن ثبت عن السجزي فإنه يثبت أنه يكذب على الأئمة ويُقَوِّلُهُمْ ما لم يقولوا وهكذا يفعل هؤلاء المجسمة بتقويل أئمة السلف السابقين ما لم يقولوه! أما الحافظ ابن عبد البر فلم يقلهـا أيضاً كمـا تقدَّم قبل قليل في الحاشيتين السابقتين وكما سيأتـي!! إذ لم ترد في كلامه!! بل قد أنكر ابن عبدالبَر في ((التمهيد)) (7/144) لفظة (بـذاتـه)!! فانظره فيه في الكلام على حديث النزول!! فقد أنكرها على نُعَيم بن حماد هناك!! فتنبه لترهات الذهبي والمجسمة!!

والأنصاري هذا رجل ضال مضل جمع بين التجسيم والقول بالحلول والاتحاد!!
والكرجي ليس معروفاً عند الشافعية ولا هو من أئمتهـم، وقـد ذكـر الإمام السبكـي في"طبقات الشافعية الكبرى" (6/140-146) أنَّ هذه الأبيات مكذوبة على الكرجي!! وسيأتي الكلام موسَّعـاً في ذلـك إن شـاء الله تعـالى في التعليق على الكرجي عند ذكر موضعه في الترجمة رقم (161)!!

وقوله بعد نقله أبيات الكرجي : ( وعلى هذه القصيدة مكتوب بخط العلامة تقي الدِّين ابن الصلاح: ((هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث)) فهذا كلام غير صحيح البتة!! وهو محض افتراء وتقوّل!! والصحيح من ذلك ما ذكره الإمام السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (6/142) حيث قال: ((والذي يُرجِّح أنها ـ أي قصيدة الكرجي هذه ـ أنها مكذوبة عليه كلها أنَّ ابن الصلاح ترجم هذا الرجل وحكى كلام ابن السمعاني إلا ما يتعلَّق بهذه القصيدة فلم يذكره، فيجوز أن يكون ذلك قد دُسَّ في كتاب ابن السمعاني ليصحح به نسبة القصيدة إلى الكرجي، وقد جرى كثير مثل ذلك، ويؤيد هذا أيضاً: أنَّ ابن السمعاني ساق كثيراً من شعره ولم يذكر من هذه القصيدة بيتاً واحداً ولو كان قد قرأها عليه لكان يوشك أن يذكر ولو بعضها)). قلـت: وقوله (وقد جرى كثير مثل ذلك) منه: ما ذكره السبكي رحمه الله تعالى في "الطبقات" (2/19) من أنَّ أحد الحنابلة المجسمة نسخ كتاب ((شرح صحيح مسلم)) للإمام النووي وحذف منه مـا تكلَّـم بـه الإمـام النووي على أحاديث الصفات!! ومنه تعلموا مدى تحريف المجسمة والمشبهة للتراث!! وقد اقترفوا منه أشكالاً وألواناً عند طباعتهم كثيراً من الكتب في هذا العصر الذي طبعت فيه الكتب المخطوطة!

وهذه اللفظة قـد أنكرهـا صاحبنـا الذهبي عليهم بعد خمسة أسطر!! ووصفها بأنها من (فضول الكلام)!! فهو يخرّب ما بناه بنفسه بعد أسطر!! {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ}الحشر:2!!

فالذهبي يرى أنَّ لفظة (بـذاته) التي نقلها هنا عن عدد من المجسمة من فضول الكـلام كما قال:" وبلا ريب إنَّ فضول الكلام تركه من حُسْنِ الإسلام"!! لا سيما وقد صرَّح في مواضع من "سير أعلام النبلاء" بإنكارها!! ومن ذلك قوله في "سير أعلام النبلاء" (19/607): [قد ذكرنا أن لفظة بذاته لا حاجة إليها وهي تشغب النفوس...]. وقال في ترجمة القصَّابفي هذا الكتاب (النص رقم 535) عن قول بعضهم عن مثل صفة اليد والعين: [فإذا قلنا بعد ذلك (صفة حقيقة) وليست بمجاز كان هذا كلاماً ركيكاً نبطياً مُغَلِّثاً للنفوس فليهدر]. فنصَّ على أنه ينبغي أن يُهْدَر لأنه يُغَلِّثُ النفوس أي يقتلها ويسممها في التوحيد والعقيدة بنظره! فقد يقول جماعة من العلماء أو من أهل الحديث أو من الأولياء العارفين (عند الناس) أقوالاً وهي من أبطل الباطل!! والحق لا يُعرف بالرجال!!

ثُمَّ بعد كل هذا التدليل من كلام ابن أبي زيد والكرجي ومحاولته التمويه بشهود الحافظ ابن الصلاح على قصيدة الكرجي قال: (فليته تركها)!! وبذلك خرَّب بيته بيده!! ونقض غزله بنفسه!! كما قال تعالى: {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا}النحل:92!! والشي الذي كان ينبغي لابن أبي زيد أن يتركه ولا يذكره - بشهادة الذهبي - لا يصح أن يحشر في زمرة أقوالٍ يدلِّل بها على ما يريد ويقصد!! فتنبَّهوا كيف يظهر الله تعالى لنا تناقض أفكارهم وأقوالهم وتضاربها!!
أضف رد جديد

العودة إلى ”عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها“