طلان ما يستدل به المجسمة من كلام الشيخ أبي البيان:

أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 484
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

طلان ما يستدل به المجسمة من كلام الشيخ أبي البيان:

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

طلان ما يستدل به المجسمة من كلام الشيخ أبي البيان:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(560):
[ الشيخ أبو البيان ( 551):
560- كان الشيخ الإمام القدوة أبو البيان نَبَأُ بن محمد بن محفوظ السلمي الحوراني ثمَّ الدمشقي الشافعي اللغوي شيخ الفقراء البيانية لَهِجَاً بإثبات الصفات منافراً لذوي الكلام ذاماً للنفاة، له أشياء في هذا المعنى.
أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام القاضي، أنا الإمام أبو محمد بن قدامة، حدثني أبو المعالي أسعد بن المنجا قال: كنتُ يوماً عند الشيخ أبي البيان رحمه الله فجاءه ابن تميم الذي يُدعى الشيخ الأمين فقال له الشيخ بعد كلام جرى بينهما: ويحك الحنابلة إذا قيل لهم: ما الدليل على أنَّ القرآن بحرف وصوت؟ قالوا: قال الله كذا وقال رسوله كذا. وسرد الشيخ الآيات والأخبار وأنتم إذا قيل لكم: ما الدليل على أنَّ القرآن معنى في النفس؟ قلتم: قال الأخطل: إنَّ الكلام لفي الفؤاد.... إيش هذا؟ الأخطل نصراني خبيث، بنيتم مذهبكم على بيت شعر من قوله!! وتركتم الكتاب والسنة!!
قال أبومحمد بن الخشاب نحوي العراق: فتشتُ شعر الأخطل المدوَّن كثيراً فما وجدت فيه هذا البيت.
قلت: مسألة الكلام لها موضع آخر وهي غامضة، لكن يكفي المسلم أن يؤمن بأنَّ القرآن العظيم جلَّ مُنَزِّله كلام الله غير مخلوق، وأنه عين ما تكلَّم به، منشيه ومبتديه عزَّ وجل، مع اعترافنا بأنَّ تلاوتنا له وأصواتنا وتلفظنا به مخلوق، وتكلّم الرب به صفة من صفاته التي من لوازم ذاته المقدسة فلا نعلم كيفية ذلك، وكلمات الله لا تنفـذ، ولو كان البحر مداداً لها ويمدُّه من بعده سبعة أبحر، فكلامه من علمه، وعلمـه لا يتناهى، فلا نحيط بشيء من علمه إلا بما شاء.
توفي الشيخ أبو البيان في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة].


أقول في بيان بطلان هذا الاستدلال والكشف عن زيفه:

لا علاقة لهذا الموضوع بمسألة العلو!! ولو حذف الذهبي هذه الترجمة لكان خيراً له. والشيخ أبو البيان نبأ بن محمد بن محفوظ شيخ الطائفة البيانية الصوفية بدمشق! ولا نعلم هل صح هذا المنقول عنه أم لا؟! ترجمه الذهبي في "تاريخ الإسلام" (38/67) وفي "سير أعلام النبلاء" (20/326) وقال في "تاريخ الإسلام": [ولم يذكره ابن عساكر فِي "تاريخه"، ولا ابن خِلِّكان فِي "الأعيان"]. والعجيب الغريب أن الذهبي يذكره في كتبه ويعدّه في كتابه "المعين في طبقات المحدثين" (1777) من جملة المحدثين! كل ذلك لينقل عنه نقلاً ينصر عقيدته الحنبلية الحَرَّانية التي يريدها! ورواة هذا الخبر عن الشيخ أبي البيان حنابلة! والله أعلم بحقيقة الحال! وهذه القضية المنقولة هنا عن أبي البيان ليست في قضية العلو!
و الصواب هو أنه لم يثبت هذا البيت عن الأخطل! ومن استدلَّ به فقد أخطأ! ونصوص القرآن والسنة تفيد أن القرآن الكريم مُحْدَث! وليس للحنابلة دليل يصح في إثبات قِدَمِ الكلام وكونه حرفاً وصوتاً كما شرحت ذلك في كتبي العقائدية! وإذا كان لها موضع آخر كما يقول الذهبي فلماذا يوردها في كتاب ((العلو))؟!!
وفي كلام الذهبي تصريح بأنَّ الكلام هو العلم أو من العلم!! فانتبه!! وقوله (مع اعترافنا بأنَّ تلاوتنا له وأصواتنا وتلفظنا به مخلوق) مخالفة صريحة منه لما يقوله الحنابلة وأحمد بن حنبل! لكن من الطامات قوله: (وأنه عين ما تكلم به منشيه ومبتديه) لأن هذا قول متخبط يقول بأن الله متكلم بمعنى ناطق وفي نفس الوقت ابتدأ الكلام وأنشأه أي فعله فهو مخلوق محدث فهذا كلام من لا يدري ما يقول!
وقال الذهبي في ترجمة الكرابيسي في "السير" (12/80): [وهو أوّل مَن فتق اللفظ ..... ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي وحرّره في مسألة التلفظ وأنه مخلوق هو حق]. مع أن الكرابيسي لم يبتدع هذا الأمر وإنما أخذه من قول الله تعالى المتقدم الناص على أنه مُحْدَث. والنقول عن علماء وأئمة أهل السنة في ذلك كثيرة. وبيت الأخطل هذا قال عنه العلامة الزبيدي في "شرح الإحياء" (2/146): [وقد أنكره العلاء المرداوي من الحنابلة في "شرح تحرير الأصول"، وقال هو موضوع على الأخطل وليس هو في نسخ ديوانه، وإنما هو لابن الصمصام ولفظه (إن البيان) اهـ وقد استرسل بعض علماءنا من الذين لهم تقدّم ووجاهة وهو علي بن علي بن محمد بن الغزي الحنفي فقال في "شرح عقيدة الطحاوي" ما نصه: وأما من قال إنه معنى واحد واستدل بقول الأخطل المذكور فاستدلال فاسد، ولو استدل مستدل بحديث في الصحيحين لقالوا هذا خبر واحد ويكون مما اتفق العلماء على تصديقه وتلقيه بالقبول والعمل به فكيف وهذا البيت قد قيل إنه مصنوع منسوب إلى الأخطل وليس هو في ديوانه، وقيل إنما قال: (إن البيان لفي الفؤاد)، وهذا أقرب إلى الصحة وعلى تقدير صحته عنه فلا يجوز الاستدلال به فإن النصارى قد ضلوا في معنى الكلام وزعموا أن عيسى عليه السلام نفس كلمة الله واتحد اللاهوت بالناسوت، أي شيء من الإله بشيء من الناس فيستدل بقول نصراني قد ضل في معنى الكلام ويترك ما يعلم من معنى الكلام في لغة العرب، وأيضاً فمعناه غير صحيح إذ لازمه أن الأخرس يسمى متكلماً لقيام الكلام وإن لم ينطق به ولم يسمع وهذا معنى عجيب..]. وقد استقصينا هذا في شرحنا على "جوهرة التوحيد" فليرجع إليها من شاء الاستزادة.
أضف رد جديد

العودة إلى ”أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم“