بيان مراد الإمام مالك في جوابه عن الاستواء الذي نقله عنه الذهبي :

أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 484
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

بيان مراد الإمام مالك في جوابه عن الاستواء الذي نقله عنه الذهبي :

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

بيان مراد الإمام مالك في جوابه عن الاستواء الذي نقله عنه الذهبي :

قال الذهبي في كتابه"العلو" في النص رقم(341):
341- وساق البيهقي بإسناد صحيح عن أبي الربيع الرشيديني، عـن ابن وهب قال: كنت عند مالك فدخل رجل فقال: يا أبا عبدالله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}طه:5، كيف استوى؟ فأطرق مالك وأخذته الرُّحَضَاءُ، ثمَّ رفع رأسه فقـال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كما وصف نفسه ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت صاحب بدعة، أخرجوه ].

أقول في بيان مراد الإمام مالك:
هذا النص صحيح عن الإمام مالك. والرُّحَضَاء كما في "القاموس المحيط": [العَرَقُ إثْرَ الحُمَّى، أو عَرَقٌ يَغْسِلُ الجِلْدَ كثْرَةً]. وهذا عن الإمام مالك رواه البيهقي في" الأسماء والصفات" ص (408) وأبو الربيع الرشيديني هو سليمان بن داود بن حماد بن سعد المهري وهو ثقة، والراوي عنه هو الإمام الحافظ أبوبكر محمد بن إسماعيل بن مهران الإسماعيلي، وترجمته في " سير أعلام النبلاء" (14/117). وتقدّم أننا ذكرنا معنى هذا عن الإمام مالك في تخريج النص رقم (317) فإنه مهم جداً وهو بيان معنى كلامه والأجواء التي قال الإمام مالك فيها هذا القول على التحقيق. والمجسمة والمشبهة يقولون دائماً قال مالك: ((الاستواء معلوم والكيف مجهول...)) والإمام مالك لم يقل ذلك! وإنما قال: ((.. والكيف غير معقول ولا يقال كيف..)) فهو نفى أن يكون لله تعالى كيف، وكلامهم الذي ينقلونه عنه فيه أنَّ لله تعالى كيفاً ولكنَّ هذا الكيف مجهول!! فافهم هذا ولا تغفل عنه!! هناك ربما سبعة أسانيد لهذا القول عن الإمام مالك ستة منها صحيحة بلفظ: (ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع) أو ما في معناه، ورواية بإسناد ضعيف بلفظ: (والكيف مجهول)! وقد رأيت بعض الإخوة ذكرها جميعها بمصادرها في الانترنت ولعلنا نذكرها هنا!

وفي نفس السياق أورد الذهبي قول الإمام مالك في جوابه عن الاستواء، فقال في كتابه "العلو" النص رقم [342]:
[342- وروى يحيى بن يحيى التميمي وجعفر بن عبدالله وطائفة قالوا: جاء رجل إلى مالك فقال: يا أبا عبدالله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ قال: فما رأيت مالكاً وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرُّحَضَاء يعني العرق، وأطرق القوم، فسرّي عن مالك، وقال: الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإني أخاف أن تكون ضالاً، وأمر به فأخرج].
أقول في التعليق على هذا النص وبيان مذهب الإمام مالك حال الرد على السائل:
هذا ثابت عن الإمام مالك. رواه البيهقي في " الأسماء والصفات" ص (408) أيضاً وارجع إلى شرحه وبيان معناه الحقيقي في النص رقم (317). ومختصر ذلك أن الدولة الأموية كانت تروج لأفكار المجسمة، ومن ذلك أن الإمام مالكاً لما قالوا له إن أبا الزناد يحدّث بما يسمونه أحاديث الصفات قال: إنه (كان عاملاً لهؤلاء) يعني الأمويين، لأن أبا الزناد مات في عهد الأمويين! فنهاهم مالك عن التحديث بأحاديث الصفات، كما روى ذلك ابن أبي زمنين في "أصول السنة" (برقم25) بإسناد صحيح، وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/103) وبعضه في "التمهيد" لابن عبد البر (7/150)، وأكَّده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/225)، فَدَسَّ هؤلاء المجسمة للإمام مالك من يسأله ليأخذوا منه ما يريدون فاضطرب ولم يجب على الفور وعرق عرقاً شديداً وبعد أن فكّر كثيراً في طريقة الجواب ليقمع هذا السائل المجسم، نطق بكلام موجز في حالةٍ لا يريد أن يسترسل فيها بالبيان! ونفى عن الله الكيف، وزجر السائل وتخلص منه، فلم يكن ذلك إلا جواباً في حالة اضطرار بالاقتضاب! وليس منهجاً أو مذهباً يبني عليه الناس قواعد العقائد أو يستفيد منه المجسمة والمشبهة في تأييد مذهبهم! بل ما يقولونه من الجلوس والقعود والاستقرار والعلو الحسي نفاه مالك بنفي الكيف! فكيف يكون كلامه مؤيداً لهم أو في صالحهم؟!
أضف رد جديد

العودة إلى ”أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم“