بيان انقطاع حديث أبي ذر الذي جاء بلفظ:( إنَّ الآيتين من آخر سورة البقرة أوتيتهنَّ من كنز تحت العرش لم يؤتهما نبي قبلي):
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[جرير، عن منصور، عن رِبْعِي بن حِرَاش، عن أبي ذر الغفاري قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنَّ الآيتين من آخر سورة البقرة أوتيتهنَّ من كنز تحت العرش لم يؤتهما نبي قبلي)). رواته ثقات].
أقول في بيان بطلان هذا الحديث:
ضعيف منقطع، ولفظ العرش فيه شاذ مردود ولا دلالة فيه على العلو. وهو وإن كان رجاله ثقات كما ترى إلا أنه منقطع. رواه أحمد في "المسند" (5/151) عن ربعي عمن حدَّثه عن أبي ذر. ورواه أيضاً عَقِبَهُ عن رِبْعي عن زيد بن ظبيان أو عن رجل عن أبي ذر، ورواه أيضاً عَقِبَهُ عن ربعي عن خرشة بن الحر عن المعرور بـن سويد عن أبي ذر وهـذا اضطراب في الإسناد يوجب رد هذه الرواية، وقـد ذكـره البخاري في ((التاريخ الكبير)) (3/398) بلفظ: ((أعطيت خواتيم البقرة لم يعطهم نبي قبلي)) وليس فيه لفظ (العرش) كما ترون، فتبين لي أنَّ لفظ العرش مُقْحَم هنا!!
ورواه مسلم في صحيحه (522) و (806) فقال: [حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ وَأَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنْفِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ F سَمِعَ نَقِيضاً مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ وَقَالَ أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ]. وليس فيه ذكر العرش أيضاً.
ورواه بإثبات لفظ (العرش) الحاكم في "المستدرك" (1/562) من رواية جبير بن نفير عن أبي ذر، وفي السند عبدالله بن صالح كاتب الليث ومعاوية بن صالح وهما ضعيفان، وبَيَّنَ الحاكم هناك وكذا الذهبي في المختصر أنَّ عبدالله بن وهب رواه عن معاوية بن صالح مرسلاً، وهو في "المراسيـل" لأبـي داود ص (120) برقم (91).
وما علقه الشيخ شعيب عليه هناك في المراسيل هو تقليد ومتابعة منه للألباني المتناقض في صحيحته (3/471/1482) وعلى الألباني أن يُنَحِّي هذا الحديث من صحيحته لما سأبينه بعد قليل إن شاء الله تعالى في الأحاديث التالية لهذا الحديث، أما الشيخ شعيب فكان يتابع الألباني على ما يقوله!! وكان يظن أنه يحقق ويدقـق!! وقد قال لي – شعيب - عند ظهور أول أجزاء التناقضات: ((ما كنت أظن أن للألباني هذا العدد الكبير من الأخطاء والتناقضات والأوهام))!!
وقد روي الحديث أيضاً عن سيدنا حذيفة من طريق رِبْعِي بن حِرَاش أيضاً فهذا اضطراب من ربعي أيضاً في الإسناد زيادة على ما قدمناه رواه أحمد (5/383) من طريق أبي معاوية عن أبي مالك، والبيهقي (1/213) من طريق أبي عوانة عن أبي مالك، لكن رواه أبو عوانة في صحيحه (1/253) من طريق أبي عوانة الكبير عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن سيدنا حذيفة وليس فيه ذكر هذه القطعة.
وقد عزاه الحاكم في ((المستدرك)) (1/563) لمسلم وليس هو فيه (أعني هذا اللفظ) وبما أنَّ الحديث مروي من جميع طرقه عن ربعي بن حراش فقد حصل الخلل من عنده، وهو يرسل عن الصحابة كما تبين لنا من روايته لهذا الحديث عن أبي ذر، وقد روى حديث سيدنا حذيفة هذا أبوهريرة عند مسلم (523) وجابر عند مسلم (521) أيضاً وليس فيه هذا اللفظ. فالحديث دائر على ربعي وهو علته بلا ريب!! وله رواية أخرى ستأتي في الحديث التالي الذي أورده الذهبي وهي ضعيفة.
بيان انقطاع حديث أبي ذر الذي جاء بلفظ:( إنَّ الآيتين من آخر سورة البقرة أوتيتهنَّ من كنز تحت العرش لم يؤتهما نبي قبلي):
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm