بيان درجة حديث: (ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع رب العالمين إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه...):
يروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع رب العالمين إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه)). قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: ((يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك، والميزان بيد الرحمن يرفع أقواماً ويضع آخرين إلى يوم القيامة)
أقول:
هذا حديث شامي لا يثبت كل رواته شاميون. وهو من حديث النواس بن سمعان رواه أحمد (4/182)، والنسائي في الكبرى (4/414/7738)، وابن ماجه (199)، والشيباني في الآحاد والمثاني (2/476)، والطبراني في مسند الشاميين (1/331/582)، وابن حبان (3/224)، والحاكم (1/707)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (299) وغيرهم. وقد أورده ابن أبي حاتم في علل الحديث (2/117) من رواية (نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيِّ) وبيَّن أن الرواة اختلفوا فيه فبعضهم رواه عن نُعَيم هذا وبعضهم عن النواس وأن أبا زُرعة قال بأن الصحيح روايته عن النَّواس. والمستنكر فيه أن الله يزيغ القلوب، والثابت عندنا أن الله يهدي ولا يزيغ ويضل، وقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} الصف:5، فكانت إزاغة الله لهم جزاء على زيغهم، يريد لما زاغوا ومالوا عن الهدى تركهم على الضلالة والميل والردى، إذ لم يجبرهم على الإيمان قصداً، بل خذلهم وتركهم على زيغهم عن الحق، ولم يمدهم بألطافه لعدم قبولهم الهدى، وقيل: معناه حكم بزيغ قلوبهم، وقيل: المعنى فلما زاغوا عن الحق عاقبهم الله بعقاب الزيغ، فسمي جزاء الزيغ زيغاً. وهو معنى قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} آل عمران:8، ومعناه: ربنا احفظ قلوبنا، أي: الدعاء بالحفظ عن استغواء الغواية، واستهواء الشهوات، والانقياد للشبهات. يعني يارب أعنا بعد ثباتنا على الإيمان أن لا ننساق للكفر أو للمعاصي، وهذا طلب التوفيق بمنح الألطاف وزيادة الهدى الموعود به في قوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدَى} سورة سيدنا محمد:17.
بيان درجة حديث: (ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع رب العالمين إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه...):
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm