الفخر الرازي (إمام الأشاعرة في وقته) لا يرى صحة كل حديث في الصحيحين:

قواعد المصطلح وعلوم الحديث
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 777
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

الفخر الرازي (إمام الأشاعرة في وقته) لا يرى صحة كل حديث في الصحيحين:

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

الفخر الرازي (إمام الأشاعرة في وقته) لا يرى صحة كل حديث في الصحيحين:
قال سماحة السيد المحدث حسن السقاف في مقدمة تحقيقه لكتاب "أساس التقديس":


نص الفخر الرازي أن بعض أحاديث البخاري ومسلم يمكن ردها وعدم قبولها، وقد رَدَّ هو بعضها كحديث البخاري الذي فيه دعوى إنكار سيدنا ابن مسعود أن المعوذتين من القرآن، فحكم الرازي بأن ذلك الأثر أو الحديث من جملة الموضوعات والمكذوبات هو والإمام النووي وابن حزم فيما نقله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/743)، وهذا ينسف دعوى إجماع الأمة على صحة ما فيهما. انظر تفسير الفخر الرازي (1/190).
إذاً من القواعد المقررة عند الفخر الرازي فيما يتعلق بالسنة عدم صحة كل ما في الصحيحين من الأحاديث مع احترام وإجلال البخاري ومسلم كباقي أصحاب كتب الأحاديث التي ضَعَّف العلماء وصححوا من أحاديثها، فالتنزه عن الخطأ فقط هو لكتاب الله تعالى، وقد نقد علماء كثيرون من أهل السنة والجماعة كما تقدَّم أحاديث في الصحيحين، كالدارقطني والنووي وابن حزم والرازي وكثيرون. قال الفخر الرازي في كتابه هذا "أساس التقديس" ص (170):
[اشتهر فيما بين الأمة أن جماعة من الملاحدة وضعوا أخباراً منكرة واحتالوا في ترويجها على المحدثين، والمحدثون لسلامة قلوبهم ما عرفوها بل قَبِلُوها، وأيُّ منكر فوق وصف الله تعالى بما يقدح في الإلهية ويبطل الربوبية؟ فوجب القطع في أمثال هذه الأخبار بأنها موضوعة. وأما البخاري ومسلم فهما ما كانا عالمين بالغيوب، بل اجتهدا واحتاطا بمقدار طاقتهما، فأما اعتقاد أنهما علما جميع الأحوال الواقعة في زمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى زماننا فذلك لا يقوله عاقل، غاية ما في الباب أنا نحسن الظن بهما وبالذين رويا عنهم، إلا أنا إذا شاهدنا خبراً مشتملاً على منكر لا يمكن إسناده إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قطعنا بأنه من أوضاع الملاحدة، ومن ترويجاتهم على أولئك المحدّثين].
فتلخص من هذا كله أن الإمام الفخر الرازي كان من كبار العلماء الأفذاذ المجتهدين فيما تخصص فيه من العلوم وأنه كان حر التفكير صاحب إبداع ونظر ثاقب وتمحيص للقضايا العلمية ليس لديه تعصب لمذهب ولا لفرقة ولا لطائفة ولذلك حاول أن ينبزه المتعصبون وينالوا منه فلم يضره ذلك، وكان حازماً في موقفه ضد الحشوية من المجسمة، مع أنه غير مقلد لأبي الحسن الأشعري فيما يقوله الأشعري في مصنفاته، وقد أثبت الفخر إمامَتَهُ بعلمه ومصنفاته وصار أحد أركان أئمة أهل السنة ومع ذلك لم يخش أن يوافق اجتهاده في بعض المسائل اجتهاد أو مذهب جمهور المعتزلة في الاعتقاد أو أن ينقل من مصنفاتهم وخاصة في تفسيره الكبير، ولم ير ضيراً في ذلك، فرحم الله تعالى هذا العبقري المنصف والعالم الكبير المتكلم المفسر الأصولي وجمعنا معه في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
هذا ما تيسر لنا من الأمور التي رأينا أن نذكرها في هذه المقدمة، وبذلك تمت هذه المقدمة، والحمد لله رب العالمين.
أضف رد جديد

العودة إلى ”قواعد المصطلح وعلوم الحديث“