بيان نكارة حديث:" خلق الله عز وجل التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد ..." وبيان أن يعارض الآيات القطعيّة:

تخريج أحاديث وبيان مدى صحتها
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 901
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

بيان نكارة حديث:" خلق الله عز وجل التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد ..." وبيان أن يعارض الآيات القطعيّة:

Post by عود الخيزران »

بيان نكارة حديث:" خلق الله عز وجل التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد ..." وبيان أن يعارض الآيات القطعيّة:

قال السيد المحدّث حسن السقاف في"صحيح شرح الطحاوية":

روى مسلم في ((الصحيح)) (4/2149 برقم 2789) عن أبي هريرة مرفوعاً:
((خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل)).
ففي هذا الحديث إثبات أنَّ الله خلق السموات والأرض في سبعة أيام، وهذا مخالف للقرآن وذلك لأنَّ الله تعالى أخبر أنَّه خلق السموات والأرض في ستة أيام، قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}الأعراف:54.
فإن قال قائل: هذا الحديث لا يعارض الآية السابقة، وإنما يُفصِّل كيفية تطوّر الأرض وما خلق فيها وحدها، وأنَّ ذلك كان في سبعة أيام وهي غير الأيام الستة المذكورة في الآية أو نحو هذا الكلام كما صرح به متناقض!! عصرنا الألباني.
قلنا في جوابه: لا، ليس كذلك! وكلامك باطل من وجوه عديدة أذكر لك ثلاثة منها:
الأول : أن سيدنا آدم المذكور في الحديث لم يُخْلَقْ على الأرض إنما خلقه في الجنة ثم أُهبط بعد مُدَّة إلى الأرض، فهذا الحديث لا يتكلّم إذن بما حصل على الأرض خاصة، ثم قوله فيه: (وخلق النور يوم الأربعاء) ليس خاصاً أيضاً بالأرض لأن النور الموجود على الأرض بشكل عام مصدره من الشمس التي هي في السماء والنور موجود أيضاً في الجنة، فهذا الحديث فيه ذكر ما في الأرض وما في السماء.
وكذلك قوله (المكروه) في الحديث لا يفهم معناه!! والمكروه يعم أشياء كثيرة، والمعروف أن المكروه أو الشر يخلقه الله عز وجل في وقته الذي يحصل فيه، وهذا الحديث فيه هذه الجُملَ الركيكة التي تدل على أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما نطق به.
الثاني: أنَّ القرآن يردُّ ذلك أيضاً بصراحة قال تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}فُصِّلت:9-10، فهذا صريح في أنه سبحانه خلق الأرض في يومين وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام ومجموع ذلك ستة أيام، فأين الأيام السبعة من ذلك؟!
الثالث: ولهذه الأدلة العقلية المأخوذة بالتأمل والتدبر من القرآن الكريم ردَّ أئمة المحدثين الذين أدركوا هذا الشذوذ في متن الحديث هذا الحديث وطعنوا فيه.
قال ابن كثير في تفسيره (1/99 طبعة الشعب): ((هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلّم عليه ابن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ وجعلوه من كلام كعب الأحبار، وأنَّ أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وقد اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعاً)).
قلــت: وقد أنكره البخاري في كتابه ((التاريخ الكبير)) (1/413 ـ 414) وغيره، حتى أنَّ الشيخ ابن تيمية!! نقل طعن الحفاظ فيه في ((فتاواه)) (17/236) وهذا هو تطبيق القاعدة التي تقدّمت والتي نص عليها إمام المحدّثين في عصره الخطيب البغدادي حيث قال في كتابه ((الفقيه والمتفقه)) (1/132):
((باب القول فيما يُرَدُّ به خبر الواحد:.... وإذا روى الثقة المأمون خبراً متصل الإسناد رُدَّ بأمور: أحدها: أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلانه، لأن الشرع إنما يَرِدُ بمجوزات العقول وأما بخلاف العقول فلا...)). فتدبَّر ذلك جيداً والله الموفق!!

Post Reply

Return to “تخريج أحاديث وبيان مدى صحتها”