متن العقيدة والتوحيد/ الأدلة المعتبرة في الإيمان والعقائد : الحلقة الرابعة: ( دليل الإجماع):

القواعد والأصول العقائدية
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 943
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

متن العقيدة والتوحيد/ الأدلة المعتبرة في الإيمان والعقائد : الحلقة الرابعة: ( دليل الإجماع):

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

الأدلة المعتبرة في الإيمان والعقائد : الحلقة الرابعة: ( دليل الإجماع):

قال سماحة السيد المحدّث حسن السقاف في كتابه "متن العقيدة والتوحيد":

والإجماع هو اتفاق العلماء المجتهدين في كافة الفرق الإسلامية المعتد بها (١)وليس إجماع فرقة واحدة من الفرق أو مذهب من المذاهب أو طائفة من الطوائف فقط (٢)لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء ١٠. وقوله له : «لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبداً ويد الله على الجماعة (٣)وعلى رأس أولئك العلماء أئمة أهل البيت في القرون الأولى الذين توارثوا العلم عن سيدنا علي عليه السلام (٤)، والزيدية والإمامية والمعتزلة والإباضية وعقلاء أهل السنة والجماعة والمقصود بعقلاء أهل السنة أهل العلم من أهل الدليل من غير المتعصبة من أتباع المذاهب الأربعة المنزهين والظاهرية وعقلاء الأشاعرة والماتريدية ومنزهة الحنابلة كابن عقيل وابن الجوزي المتبعون للدليل لا المتعصبون للأشعرية والماتريدية وغيرهما، فخرج بذلك من يكفر ببدعته أو من اتفق هؤلاء على شذوذه وغلطه، كالمجسمة والباطنية المنحرفين وغيرهم. فلا اعتداد بمن خرج من الأمة باعتقاد مُكَفِّر . ولا يستقل الإجماع في العقائد بإيراد شيء جديد وإنما يحدد معنى النص. قال الإمام الشافعي رحمه الله : [ والأصل القرآن والسنة وقياس عليهما، والإجماع أكبر من الحديث المنفرد (٥)قلت: إنما قال الإمام الشافعي (الإجماع أكبر من الحديث المنفرد) لأنَّ الإجماع يفيد العلم والقطع والحديث المنفرد الذي هو الآحاد يفيد الظن.
ويجب التحري عن كل مسألة يُدعى فيها الإجماع لأن كثيراً من القضايا التي يدعون فيها الإجماع نجد فيها خلافا عند البحث والتفتيش والتقصي.
وقول الجمهور أو السواد الأعظم ليس بحجة، وأحاديث السواد الأعظم لا تصح وإنما صح حديث: «لا تجتمع أمتي على ضلالة والمقصود به إجماع الأمة. وقولهم عن كتاب ما تلقته الأمة بالقبول ) لا يعني أن كل ما فيه صحيح، وهذه العبارة غير دقيقة.

الحواشي السفلية:

1) نص أئمة من علماء أهل السنة والجماعة بأن من شرط الإجماع أن يتفق جميع المسلمين وليست أي طائفة وحدها، وهذه بعض نصوصهم في ذلك: قال الإمام الغزالي (ت ٥٠٥هـ) في "المستصفى" (۱۸۳/۱): [مسألة: المبتدع إذا خالف لم ينعقد الإجماع دونه إذا لم يكفر؛ بل هو كمجتهد فاسق وخلاف المجتهد الفاسق معتبر .... وقال إمام الحرمين (ت ٤٧٨ هـ) في "البرهان" (٤٤٢/١): [ والحجة في إجماع المسلمين والمبتدع إن كفرناه لم نعتبر خلافه ووفاقه، وإن لم نكفره فهو من المعتبرين إذا استجمع شرائط المجتهدين، وقد قبل الشافعي شهادة أهل الأهواء .... وقال الآمدي (٥٥١-٦٣١هـ) في "الإحكام في أصول الأحكام (٢٥٧/١): [المسألة السادسة: المجتهد المطلق إذا كان مبتدعاً، لا يخلو إما أن لا يكفر ببدعته أو يكفر، فإن كان الأول فقد اختلفوا في انعقاد الإجماع مع مخالفته نفياً وإثباتا .... والمختار أنه لا ينعقد الإجماع دونه لكونه من أهل الحل والعقد وداخلاً في مفهوم لفظ الأمة المشهود لهم بالعصمة وغايته أن يكون فاسقاً وفسقه غير مُخل بأهلية الاجتهاد. وممن اعترف بذلك أيضا الشيخ عبد القاهر البغدادي (ت ٤٢٩هـ) - مع كونه من جملة المتعصبين على المعتزلة ومن جملة الناقلين عنهم نقولاً لا تصح - فقد قال في كتابه "أصول الدين" ص (۱۳): [ لا اعتبار في مثل هذا بخلاف أهل الأهواء من الروافض والقدرية والخوارج والجهمية والنجارية لأن أهل الأهواء لا اعتبار بخلافهم في أحكام الفقه وإن اعتبرنا خلافهم في أبواب علم الكلام. اعترف صاحبنا البغدادي هنا أنه يُعتبر خلافهم في أبواب علم الكلام أي أصول الدين فلا ينعقد الإجماع دونهم، ولا عبرة بقوله (أهل الأهواء) كما لا عبرة بعدم اعتبار خلافهم في الفروع ما دام خلافهم معتبراً في الأصول. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في "شرح صحيح مسلم (١٥٠/١): [ واعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يُكَفِّر أَحَدٌ من أهل القبلة بذنب ولا يُكَفِّر أهل الأهواء والبدع ..... وقال الإمام الفخر الرازي (ت ٦٠٦هـ) في "المحصول" (٢٥٦/٤) : [ فإن لم نكفرهم اعتبرنا قولهم لأنهم إذا كانوا من المؤمنين ومن الأمة كان قول من عداهم قول بعض المؤمنين فلا يكون حجة. وقال الإمام النووي ( ت ٦٧٦هـ) في المجموع شرح المهذب" (٢٥٤/٤): [ وقال القفال وكثيرون من الأصحاب يجوز الاقتداء بمن يقول بخلق القرآن وغيره من أهل البدع، قال صاحب العدة: هذا هو المذهب، قلت: وهذا هو الصواب، فقد قال الشافعي رحمه الله : أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم. ولم يزل السلف والخلف يرون الصلاة وراء المعتزلة ونحوهم ومناكحتهم وموارثتهم وإجراء سائر الأحكام عليهم. وقال الشيخ عبد الوهاب خلاف الأزهري في كتابه "أصول الفقه" ص (٤٦) حاكياً ضوابط الإجماع: [الثاني: أن يتفق على الحكم الشرعي في الواقعة، جميع المجتهدين من المسلمين في وقت وقوعها، بصرف النظر عن بلدهم أو جنسهم أو طائفتهم، فلو اتفق على الحكم الشرعي في الواقعة مجتهدو الحرمين فقط، أو مجتهدو العراق فقط، أو مجتهدو الحجاز، أو مجتهدو آل البيت أو مجتهدو أهل السنة دون مجتهدي الشيعة لا ينعقد شرعاً بهذا الاتفاق الخاص إجماع؛ لأن الإجماع لا ينعقد إلا بالاتفاق العام من جميع مجتهدي العالم الإسلامي في عهد الحادثة، ولا عبرة بغير المجتهدين].
2) قال السبكي والمحلي في "جمع الجوامع" وشرحه (۳۱/۲): [ وَإِجْمَاعُ كُلُّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ (وَأَهْلِ الْبَيْتِ ) النَّبَوِيِّ . (وَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَالشَّيْخَيْنِ ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (وَأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ) مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْمِصْرَيْنِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ غَيْرُ حُجَّةٍ ) لِأَنَّهُ اتَّفَاقُ بَعْضٍ مُجْتَهِدِي الْأُمَّةِ لَا كُلِّهِمْ]. أقول: إجماع أهل البيت والعترة المطهرة دليل وإشارة إلى الحق أين هو ؟ وإذا ثبت اتفاق العترة المطهرة فينبغي التمسك به لما ورد في الكتاب والسنة من التنويه بشأنهم والتمسك بهم ومن ذلك ما رواه مسلم (۲۴۰۸) عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (((.. وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ الله فِي أَهْل بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْل بَيْتي ...). ولفظه عند الترمذي (۳۷۸۸) وغيره: ((إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّىٰ يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا )).
3) رواه الحاكم في "المستدرك " (١١٦/١) عن ابن عباس. وقال الإمام الحافظ أبو عبد الله الحاكم هناك (١٢٠/١) بعد أن سرد تسعة أحاديث في حجية الإجماع : [ فقد ذكرنا تسعة أحاديث بأسانيد صحيحة يُسْتَدَّلُ بها على الحجة بالإجماع واستقصيت فيه تحرياً لمذاهب الأئمة المتقدمين رضي الله عنهم انتهى. وقال الحافظ الذهبي معلقاً على كلام الحاكم مقراً له - في نفس الصحيفة : [ فهذه الأحاديث التسعة تدل على أن الإجماع حجة انتهى.
4) ومن الخطأ البين أن يستبدل أئمة أهل البيت كسيدنا علي وسيدا شباب أهل الجنة والسجاد والباقر والصادق وزيد بن علي والنفس الزكية وأمثالهم عليهم سلام الله تعالى بمن يسمونهم الأقطاب وبعض أئمة التصوف الذين قد يكون بعضهم من ذرية هؤلاء الأئمة الأطهار الذين لا يقصد بهم أئمة أهل البيت، فكان من جملة الخدع السياسية الغابرة استبدال أولئك بهؤلاء.
5) رواه أبو نعيم في "الحلية" (٩ / ١٠٥) وابن أبي حاتم في آداب الشافعي " (۲۳۱) و (۲۳۳) والحافظ البيهقي في "مناقب الشافعي" (٢/ ٣٠).
أضف رد جديد

العودة إلى ”القواعد والأصول العقائدية“