إنكار الصحابة رضي الله عنهم على معاوية:

معاوية والأمويون والعباسيون
Post Reply
cisayman3
Posts: 300
Joined: Sat Nov 11, 2023 8:00 pm

إنكار الصحابة رضي الله عنهم على معاوية:

Post by cisayman3 »

كتب لنا بعض الإخوة وهو الدكتور حسام أبو الشرف وأنا لا أعرفه للآن تعليقاً على مقال كتبناه قبل أيام في عقيدة الجبر وعلاقة معاوية بها ؛ فقال:
(لو صح هذا عن معاوية لماذا لم ترد عليه السيدة عائشة وسيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين ؟!)
فكتبت له: (لقد رَدُّوا عليه.. فاقرأ وابحث) أي أن الصحابة ردوا عليه فاقرأ وابحث لتقف على ذلك.
فعقب على ذلك بقوله: (لم أرَ جوابا ً على سؤالي.. سؤالي واضح وجداً كان إنكاركم على معاوية أنه يقول بالجبر وأقمتم على ذلك عقيدة عليه أنه جبري العقيدة وأكرر سؤالي لماذا لم ينكر عليه سيدنا ابن عمر والسيدة عائشة رضي عنهما ؟! أعجزا عن ذلك ؟ أم تركوه ضالا ً في عقيدته ليضل الناس من بعده وحاشاهما)!
أقول: كنت أود أيها الأخ الفاضل أن تقرأ كتابي (زهر الريحان) في معاوية بن أبي سفيان، أو (أقوال الرسول الأعظم وأصحابه الكرام في معاوية)، أو (النصائح الكافية لمن تولى معاوية) للسيد العلامة محمد بن عقيل، أو غير ذلك من الكتب الكثيرة التي صنفها جماعة من العلماء، ولكنك تريد أن تحاججنا هنا وتطلب ما تظن أنك تعجزنا به، ونحن نريد لك الخير ولا ننقل لك إلا ما تثبتنا منه، وأستغرب صدور هذا القول من رجل ينتسب لسيدنا الحسين عليه السلام.
كنت معرضاً عن الإجابة لأنني أود منك أن تبحث بنفسك، ثم عنّ لي أن أطلعك على بعض ذلك لعلك وغيرك أن توسعوا البحث فيه بالتتبع والقراءة والاطلاع أكثر فأكثر، والله المستعان فأقول:
قبل الخوض في المسألة أقول لك إن هؤلاء الذين تريدهم أنكروا على معاوية ولكن سيف معاوية وبغيه أخافهم وغلبهم ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ولبيان ذلك بإيجاز أقول:
معاوية سطا على السلطة بالسيف والمال، واشترى ذمم الناس بالمال، كما ترى أمثلة واقعية اليوم في شراء ذمم الناس والمشايخ خاصة بالمال وبقوة السلطة.
ومعرفة حال معاوية لا يتوقف على وجود نص لابن عمر أو للسيدة عائشة رضي الله عنهم حتى نعرف أن معاوية مبطل! بل يكفي أن تعلم ما فعل وتعرضه على الكتاب الكريم والسنة المطهرة.
فمن سيئات وموبقات معاوية الكثيرة أنه جاء بابنه يزيد (وما أدراك ما يزيد) وجعله خليفة!
ويزيد هذا ـ يا مولانا ـ قال الذهبي في ((السير)) (4/37) فيه: ((كان ناصبياً فظاً غليظاً جلفاً يتناول المسكر ويفعل المنكر)) وقال الحافظ ابن حجر في ((لسان الميزان)) (4/293الطبعة الهندية): ((مقدوح في عدالته وليس بأهل أن يروى عنه، وقال أحمد بن حنبل: لا ينبغي أن يروى عنه))!!
فهذا الفاسق هو الذي جعله معاوية أميراً للمؤمنين!!
وقد هدد معاوية ابن عمر إن رفع رأسه وطالب بالحكم والملك أو اعترض على هذا المحتج بالقضاء والقدر أن يزهق روحه.
قال معاوية موجهاً كلامه لابن عمر أثناء خطبة في المدينة المنورة (من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه فلنحن أحق به منه ومن أبيه)!
فخاف ابن عمر على نفسه وقال لبعض من حوله:
(هممت أن أقول أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرِّق بين الجمع وتسفك الدم)
فابن عمر يرى أن هذا المجرم قاتله المسلمون وأباه على الإسلام وأنه وهو خليفه لا يزال مستحقاً لهذا الوصف! وأنه خشي إن تكلم أن يسفك دمه!
ولا تستغرب إذا قلت لك أن هذا ليس في الكتب التاريخية وإنما في صحيح البخاري!
فروى البخاري في ((صحيحه)) (4108) عن ابن عمر قال: دخلت على
حفصة..... ؛ قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين فلم يجعل لي من الأمر شيء فقالت: الْحَق فإنهم ينتظرونك وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فُرْقة فلم تدعه حتى ذهب، فلما تَفَرَّقَ الناس خطب معاوية فقال:
مَنْ كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه فلنحن أحق به منه ومن أبيه(1) قال حبيب بن مسلمة فهلا أجبته ؟! قال عبدالله: فحللت حبوتي وهممت أن أقول أحق بهذا الأمر منك مَنْ قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرِّق بين الجمع وتسفك الدم(2)......
قال الذهبي(3): ((عن إسماعيل بن أمية: إن عمر أفرد معاوية بالشام، ورزقه في الشهر ثمانين ديناراً، والمحفوظ أن الذي أفرد معاوية بالشام عثمان)).
وقول الذهبي (والمحفوظ...) يدل على أن الذي أفرده بالشام سيدنا عثمان وكان بنو أمية تغلبوا عليه حتى عزل سيدنا سعداً ابن أبي وقاص عن الكوفة وجعل عليها الوليد بن عقبة الفاسق بنص القرآن { إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، والصحابي الوليد هذا هو الذي صلى ببأهل الكوفة الفجر يوماً أربعاً وفي رواية ركعتين وهو سكران ثم قال لهم: إن شئتم زدتكم! مما يدل على استهتاره بالدين وبالصلاة حتى ثار الناس عليه وشكوه لسيدنا عثمان فجلده في شرب الخمر! كما في صحيح مسلم (1707)!
وقد قال سيدنا عمر رضي الله عنه في معاوية: ((إنه كسرى العرب))(4) وهذه كلمة ذم لأن عمر بن الخطاب شَبَّهَهُ بطاغية مشهور غير مسلم!
وروى الحاكم في ((المستدرك)) (3/115) أن ابن عمر قال: ((ما وجدت في نفسي من شيء في أمر هذه الآية ما وجدت في نفسي أني لم أُقَاتِل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله عز وجل)) ذكره الحاكم في مناقب سيدنا علي عليه السلام!
أما السيدة عائشة فسأكتفي بما رواه مسروق بن الأجدع عنها قال: سمعت عائشة أم المؤمنين تقول: أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجراً وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام، ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنه قد ذهب الناس، أما والله إن كانوا لجمجمة العرب عزا ومنعة وفقهاً ولله در لبيد حيث يقول شعراً:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
..... انظر الاستيعاب لابن عبد البر.
وقال البخاري في صحيحه (4827):
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك قال كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا فقال خذوه فدخل بيت عائشة فلم يقدروا فقال مروان إن هذا الذي أنزل الله فيه والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني فقالت عائشة من وراء الحجاب ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري
ورواه النسائي في الكبرى (6/458) فأوضحه أكثر فرواه بإسناده عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه قال مروان سنة أبي بكر وعمر فقال عبد الرحمن بن أبي بكر سنة هرقل وقيصر فقال مروان هذا الذي أنزل الله فيه والذي قال لوالديه أف لكما الآية فبلغ ذلك عائشة فقالت كذب والله ما هو به ولو شئت ان أسمي الذي أنزلت فيه لسميته ولكن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن مروان ومروان في صلبه فمروان فضض من لعنة الله.
قال الحافظ الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (3/282): وَرَوَاهُ ابْن أبي خَيْثَمَة فِي أول تَارِيخه ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن زِيَاد أَن مُعَاوِيَة كتب إِلَى مَرْوَان بن الحكم أَن يُبَايع النَّاس ليزِيد بن مُعَاوِيَة فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر لقد جئْتُمْ بهَا هِرَقْلِيَّة إِلَى آخر لفظ المُصَنّف سَوَاء.
فالسيدة عائشة رضي الله عنها وأخوها عبد الرحمن رضي الله عنهما منكران على معاوية.
الصحابة رضي الله عنهم يلعنون معاوية وصديقه ومعينه عمرو بن العاص ومن يناصره:
ابن عباس وسَمُرَة يلعنان معاوية والسيدة عائشة تلعن عمرو بن العاص! وسيدنا عمر بن الخطاب يلعن سَمُرَة صديق معاوية!
روى الحاكم في ((المستدرك)) (4/13) عن السيدة عائشة أنها قالت: ((لعن الله عمرو بن العاص)) وعمرو هو أحد أعوان معاوية وشركائه في أفعاله.
وفي ((مسند أحمد)) (1/217) بسند صحيح أن ابن عباس يلعن معاوية لكنهم رووا هذه الرواية على الإبهام بقوله (فلاناً) سَتراً على معاوية!!
قال ابن عباس: ((لعن الله فلاناً عمدوا إلى أعظم أيام الحج فمحوا زينته وإنما زينة الحج التلبية)).
وقد بين أن المراد باللعن معاوية ما رواه ابن خزيمة في صحيحه (4/260) عن سعيد بن جبير قال: كنا مع ابن عباس بعرفة، فقال لي: يا سعيد ما لي لا أرى
الناس يلبون ؟! فقلت: يخافون من معاوية(5).
قال: فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال: لبيك اللهم لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي(6).
تأمل كيف يخاف الناس من معاوية ومن سفكه للدماء فيمتنعون عن إظهار سنة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.
وذكر ابن كثير في ((البداية)) عن جعفر بن سليمان الضبعي قال: أقر معاوية سَمُرَة بعد زياد ستة أشهر ثم عزله فقال سَمُرَة: لعن الله معاوية ؛ والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبني أبداً(7).
وروى ابن أبي شيبة (2/108) بإسناد صحيح أن سيدنا علياً عليه السلام والرضوان كان يقول في قنوته:
((اللهم عليك بمعاوية وأشياعه، وعمرو بن العاص وأشياعه، وأبا الأعور السلمي وأشياعه، وعبدالله بن قيس وأشياعه)).
ورواه البلاذري بسند صحيح في ((أنساب الأشراف)) (ج2/75/ب) بلفظ أن سيدنا علياً قال: اللهم العن معاوية بن أبي سفيان بادئاً، وعمرو بن العاص ثانياً، وأبا الأعور السلمي ثالثاً، وعبد الله بن قيس رابعاً .
فروى الحاكم في ((المستدرك)) (3/115) أن ابن عمر قال: ((ما وجدت في نفسي من شيء في أمر هذه الآية ما وجدت في نفسي أني لم أُقَاتِل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله عز وجل)) ذكره الحاكم في مناقب سيدنا علي عليه السلام!
وروى الحاكم في ((المستدرك)) (3/116) اعتزال سعد ابن أبي وقاص وأن رجلاً قال له: إن علياً يقع فيك أنك تخلَّفتَ عنه ؛ فقال سعد: ((والله إنه لرأي رأيته وأخطأ رأيي ؛ إن علياً أعطي ثلاثاً لأن أكون أعطيت إحداهن أحب إليَّ من الدنيا وما فيها.....))(8)
وروى مسلم في صحيحه (2404) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال ما منعك أن تسب أبا التراب ؟
فقال أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فتطاولنا لها فقال ادعوا لي عليا فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي.
فمعاوية يأمر سيدنا سعدا بسب سيدنا علي وسيدنا سعد لا يذعن له.
وفي مستدرك الحاكم (3/357) عن عبيد بن رفاعة:
[أن عبادة بن الصامت قام قائماً في وسط دار أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ؛ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محمداً أبا القاسم يقول:
((سيلي أموركم من بعدي رجال يُعَرِّفُونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى الله))..... فوالذي نفسي بيده أن معاوية من أولئك فما راجعه عثمان حرفاً].
وقد أنكر عبادة على معاوية أشياء كثيرة مُحَرَّمة شرعاً كالتعامل بالربا كما ثبت في ((صحيح مسلم)) (1587) وسنن النسائي (7/275برقم4562) وغيرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية:
(1) فهذا معاوية يرى بكل صراحة أن ابنه الفاسق السكير أولى من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الولاية!!
(2) تأملوا كيف كان الصحابة يخافون من الاعتراض على معاوية لئلا يسفك دمهم! وليعتبر المتعصبون بالباطل لهذا الطاغية!
(3) سير أعلام النبلاء (3/133).
(4) كما في سير أعلام النبلاء (3/134) والاستيعاب (3/1417) والإصابة (6/153طبعة دار الجيل) وتهذيب الأسماء واللغات (407) وغير ذلك!
(5) وهذا يثبت أن معاوية كان يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وليس بيد المسلمين ومنهم الصحابة يومئذ شيء!
(6) وهو صحيح ورواه الحاكم في المستدرك (1/464-465) وصححه، والنسائي في السنن الكبرى (2/419) وفي الصغرى (5/253) أيضاً وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي (2/631برقم2812)، والضياء في المختارة (10/378).
(7) انظر تاريخ ابن جرير الطبري (3/240) والبداية والنهاية (8/67) والكامل في التاريخ لابن الأثير (3/343) و (7/275).
(8) والملائي ثقة عندنا.
Post Reply

Return to “معاوية والأمويون والعباسيون”