حديث الافتراق.. كم هي فرق أهل السنة والأشاعرة؟
نحن نقرأ في كتب الفرق أن الشيعة مثلا انقسموا الى عشرين فرقة! فيا ترى الى كم فرقة انقسم أهل السنة ؟
وهل أكفر بعضهم بعضاً ؟
وهل اتفق الأشاعرة على مذهب واحد في جميع المسائل أم أن هناك عدة فرق أو تيارات أو مذاهب في هذه المسميات ؟
هل انقسم أهل السنة مثلاً إلى:
- السلف المختلفين في الاعتقادات قبل الأشعرية والماتريدية كأحمد بن حنبل والبخاري. ويمكن أن نعدهم كفرق. فالأشعري اعتبر أبا حنيفة في مقالات الإسلاميين من فرق المرجئة ورماه بالشرك أو الكفر في "الإبانة" كإخوانه الحنابلة!
- الظاهرية كداود بن علي وابن حزم وهؤلاء منزهون في الجملة.
- الحنابلة المجسمين.
- الحنابلة المنزهين أو فضلاء الحنابلة كابن عقيل وابن الجوزي وهم ضد الأشعري. ولا يحسبون في مسمى الأشعرية.
- الأشعري وأتباع الأشعري السائرين على خطاه في إثبات الصفات كالعينين والوجه واليدين كالباقلاني.. تعالى الله عن ذلك.
- الأشعرية أو الأشاعرة المنزهة المؤولة وهم عدة اتجاهات وفرق.. منهم المفوِّضة والمؤولة والسنوسيون وأتباع اللقاني وشراح جوهرته وغيرهم ممن سنعرض لمختصر تفصيلاتهم.
- الماتريدي المنزه وأصحابه وأتباعه المنزهة.
- الأحناف المتظاهرين بالماتريدية المضطربين في الصفات والمائلين إلى الإثبات وبعضهم إلى التجسيم وخاصة من شراح الفقة الأكبر المنسوب للإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى مثل مُلا علي القاري والبياضي.
- مستقلين آخرين يمكن أن نفصل أحوالهم.
وأما الصوفية فهم فرق من ناحية الاعتقاد، وفي كل فرقة من فرق الإسلام جماعة من الصوفية.
وفي أهل السنة طوائف من الصوفية منهم الصوفية المستقلون قبل الأشعري والماتريدي وبعدهما كالشيخ ابن عربي، وصوفية أشاعرة، وكذلك ماتريدية، وكذلك حنابلة من المجسمة كالشيخ الحراني وتلميذه ابن زفيل.
فمنهم من أهل السنة والجماعة، ومنهم أهل العرفان في الفرق الإسلامية الأخرى، ومن المنتسبين لأهل السنة قوم لا صلة لهم بالعلم ولا بالعقائد وهم أدعياء التصوف أصحاب الدعاوى الذين لا هم في العير ولا في النفير.
وطريقة معرفة ذلك التأمل في عقائد كل طائفة منهم لتمييزها عن غيرها وتصنيفها من أي الفرق.
فهذه بعض الفرق والتقسيمات التي يمكن أن نتحدث عنها في فرق ومذاهب واتجاهات أهل السنة والأشاعرة وغيرهم..
نأتي عليها تباعاً ونتناقش فيها بأدب
ومن يخرج في النقاشات عن جادة البحث العلمي فإنه سيمنع.. ويتولى فريق الصفحة توقيفه عن العمل والمشاركة..
_____________(تعليقات مفيدة)___________
فِي الحَقِيقَةِ شَيْخَنَا الفَاضِلَ أَفْضَلُ جَوَابٍ عَلَى سُؤَالِكُمْ:
[هل اتفق الأشاعرة على مذهب واحد في جميع المسائل أم أن هناك عدة فرق أو تيارات أو مذاهب في هذه المسميات ؟]
هُوَ مَا قَالَهُ الفَخْرُ الرَّازِي مُتَحَدِّثاً عَنِ اِخْتِلَافِ الأَشَاعِرَةِ، رَادًّا عَلَى القَاضِي أِبي بَكْرٍ البَاقِلَّانِي تَعْريفَهُ للكُفْرِ بالْجَهْلِ، إِنْ كَانَ قَدْ قَصَدَ بِهِ [الجَهْلَ بِذَاتِ اللهِ أوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ] لِانَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَكْفِيرُِ سَائِرِ الأَصْحَابِ مِنَ الأَشَاعِرَةِ.
وَمَا يُهِمُّنَا مِنْ هَذَا النَّقْلِ كُلِّهِ هُوَ إِثْبَاتُهُ للِاِخْتِلَافِ الوَاقِعِ بَيْنَهُمْ، وتَسْمِيَةُ بَعْضِهِمْ بِـ [مُثْبِتِي الأَحْوَالِ] والبَعْضِ الآخَرِ بِـ [نُفَاةِ الأَحْوَالِ]، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ تَيَّارَاتٍ وَفِرَقٍ كَمَا تَفَضَّلْتُمْ.
----------
يَقُولُ الرَّازِي:
[أَصْحَابُنَا ((اخْتَلَفُوا)) فِي كَثِيرٍ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى وَلَا شَكَّ أنَّ الحَقَّ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْهَا وَاحِدٌ، وَالمُخَالِفُ لَهُ يَكُونُ جَاهِلاً بِصِفَاتِ اللهِ تَعَالَى، فَيَلْزَمُنَا ((تَكْفِيرُ أَصْحَابِنَا)).
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ أَصْحَابَنَا ((اِخْتَلَفُوا)) فِي كَثِيرٍ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ (أَبَا الحَسَنِ)
رَحِمَهُ اللهُ أَثْبَتَ البَقَاءَ صِفَةً زَاِئَدًة، (وَالقَاضِي) رَحِمَهُ الله نَفَاهَا.
وَأَيْضاً: (فأبو الحسن والقاضي وَكَثِيرٌ مِنَ الأَصْحَابِ) أَثْبَتُوا لِلَّهِ تَعَالَى إِدْرَاكاً مُتَعَلِّقاً بِالمَشْمُومَاتِ وَإِدْرَاكاً ثَانِياً مُتَعَلِّقاً بِالمَذُوقَاتِ، وَإِدْرَاكاً ثَالِثاً مُتَعَلِّقاً بِالمَلْمُوسَاتِ. وَالأُسْتَاذُ (أَبُو إِسْحَاقَ) مَالَ إِلَى نَفْيِهَا.
وَأَثْبَتَ (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ) القِدَمَ صِفَةً قَائِمَةً بِذَاتِ اللهِ تَعَالَى ونفاه (أَكْثَرُ الأَصْحَابِ).
وَزَعَمَ أَيْضاً (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ) أَنَّهُ تَعَالَى رَحِيمٌ بِرَحْمَةٍ كَرِيمٌ بِكَرَمٍ، وَعَدَّ مِنْ هَذَا الجِنْسِ صِفَاتٍ كَثِيرَةً (وَغَيْرُهُ) زَعَمَ أَنَّ المَرْجِعَ بِهَا إِمَّا إِلَى الإِرَادَةِ؛ أَوْ إِلَى صِفَاتِ الأَفْعَالِ.
وَنَقَلَ (إِمَامُ الحَرَمَينِ) عَنْ (أَبِي سَهْلٍ الصعلوكي) مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ أَثْبَتَ للهِ عُلُوماً لَا نِهَايَةَ لَهَا وَنَفَاهَا (سَائِرُ الأَصْحَابِ).
وَنَقَلَ (أَبُو القَاسِمِ الِإْسفَرَايِبني) عَنْ (كَثِيرٍ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا) أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا للهِ تَعَالَى خَمْسَ كَلِمَاتٍ: الأَمْرَ، وَالنَّهْيَ، وَالخَبَرَ، وَالاِسْتِخْبَارَ، وَالنِّدَاءَ، (وَجُمْهُورُ الأَصْحَابِ) زَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ كَلَامٌ وَاحِدٌ.
وَزَعَمَ الأُسْتَاذُ (أَبُو إِسْحَاقَ) أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا لَمْ يَكُنْ كَائِناً فِي الحَيِّزِ لِأَجْلِ مَعْنًى كَمَا أَنَّ الجَوْهَرَ إِنَّمَا يَكُونُ كَائِناً فِي الحَيِّزِ لِأَجْلِ مَعْنًى، وَاِتَّفَقَ (الأَصْحَابُ) عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ.
((وَاخْتَلَفَ الأَصْحَابُ)) أَيْضاً في الصِّفَاتِ الخَبَرِيَّةِ نَحْو اليَدِ وَالوَجْهِ وَالعَيْنِ فَزَعَمَ (أَبُو الحَسَنِ) أَنَّهَا صِفَاتٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِ اللهِ تَعَالَى سِوَى الصِّفَاتِ الثَّمَانِيَةِ (وَالقَاضِي) مَالَ إِلَى نَفْيِهَا.
وَزَعَمَ (أَبُو الحَسَنِ) أَنَّ الاِسْتِوَاءَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِ اللهِ تَعَالَى (وَغَيْرُهُ) نَفَاهَا.
وَاتَّفَقَ (نُفَاةُ الأَحْوَالِ مِنْ أَصْحَابِنَا) عَلَى أَنَّ عَالِمِيَّةَ اللهِ تَعَالَى نَفْسُ عِلْمِهِ، وَقَادِرِيَّتُهُ نَفْسُ قُدْرَتِهِ، وَمُرِيدِيَّتُهُ نَفْسُ إِرَادَتِهِ، وَاتَّفَقَ (مُثْبِتُو الأَحْوَالِ مِنْهُمْ) عَلَى أَنَّ عَالِمِيَّةَ اللهِ تَعَالَى حَالَةٌ مُعلَّلَةٌ بِعِلْمِهِ، وَقَادِرِيَّتُهُ حَالَةٌ مُعلَّلَةٌ بِقُدْرَتِهِ.
فَعَلَى هَذَا يَكُونُ (مُثْبِتُو الأَحْوَالِ مِنْهُمْ) قَدْ أَثْبَتُوا لَهُ تَعَالَى مَعَ الصِّفَاتِ السَّبْعِ أَوِ الثَّمَانِيَةِ، أَحْوَالاً سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً، (وَنُفَاةُ الأَحْوَالِ مِنْهُمْ) نَفَوْا هَذِهِ الأَحْوَالَ.
فَقَدْ تَقَرَّرَ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ ((شِدَّةُ وُقُوعِ الاِخْتِلَافِ فِي صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى بَيْنَ الأَصْحَابِ))، وَلَا يَجُوزُ الاِلْتِفَاتُ إِلَى مَا يُتَكَلَّفُ فِي إِزَالَةِ هَذِهِ الاِخْتِلَافَاتِ؛ فَإِنَّ أَمْثَالَ تِلْكَ التَّكَلُّفَاتِ مِمَّا لَا يَعْجَزُ عَنْهَا أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ المَذَاهِبِ.
فَثَبَتَ آَنَّا لَوْ حَكَمْنَا بِأَنَّ الجَهْلَ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى يَكُونُ كُفْراً يَلْزَمُنَا تَكْفِيرُ أَئِمَّتِنَا وَمَشَايِخِنَا وَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ.]