السنوسي والدسوقي يحذران من كتب الفخر الرازي والبيضاوي والأرموي والسعد وابن عرفة بدعوى أن فيها فلسفة وفيها هوس وكفر صراح من العقائد الفلسفية (والكل أشاعرة)!
وهذا لم يطلع عليه كثير من المتبجحين والمتعصبين والمنغلقين!
وبعضهم يستره ويخفيه لئلا يحدث زلزالاً في عقول المقلدة!
قال الشيخ السنوسي الأشعري في "شرح أم البراهين" ص (70-71) حينما قال:
[وليحذر المبتدأ جهده أن يأخذ أصول دينه من الكتب التي حشيت بكلام الفلاسفة وأولع مؤلفوها بنقل هوسهم وما هو كفر صراح من عقائدهم التي ستروا نجاستها بما يَنْبَهِمُ على كثير من اصطلاحاتهم وعباراتهم التي أكثرها أسماء بلا مسميات وذلك ككتب الإمام الفخر في علم الكلام وطوالع البيضاوي ومن حذا حذوهما في ذلك، وقَلَّ أن يفلح من أولع بصحبة كلام الفلاسفة أو يكون له نور إيمان في قلبه أو لسانه، وكيف يفلح من والى مَنْ حادَّ الله ورسوله وحرق حجاب الهيبة ونبذ الشريعة وراء ظهره وقال في حق مولانا جلَّ وعزَّ وفي حق رسله عليهم الصلاة والسلام ما سوَّلت له نفسه الحمقاء ودعاه إليه وهمه المختل، ولقد خذل بعض الناس فتراه يُشَرِّف كلام الفلاسفة الملعونين ويشرِّف الكتب التي تعرضت لنقل كثير من حماقاتهم لما تمكن في نفسه الأمَّارَة بالسوء من حب الرياسة وحب الإغراب على الناس بما يَنْبَهِم على كثير منهم من عبارات واصطلاحات يوهمهم أن تحتها علوماً دقيقة نفيسة وليس تحتها إلا التخليط والهوس والكفر الذي لا يرضى أن يقوله عاقل، وربما يؤثر بعض الحمقى هوسهم على الاشتغال بما يعنيه من التفقه في أصول الدين وفروعه على طريق السلف الصالح والعمل بذلك، ويرى هذا الخبيث لانطماس بصيرته وطرده عن باب فضل الله تعالى إلى باب غضبه أن المشتغلين بالتفقه في دين الله تعالى العظيم الفوائد دنيا وأخرى بلداء الطبع ناقصوا الذكاء فما أجهل هذا الخبيث وأقبح سريرته وأعمى قلبه حتى رأى الظلمة نوراً والنور ظلمة، { وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ.. } المائدة: 41-42...].
وقد ذكر السنوسي من هؤلاء الذين يذكرون الفلسفة المذمومة: الفخر الرازي والبيضاوي وزاد الدسوقي في حاشيته على السنوسية: الأرموي والسعد التفتازاني والعضد وابن عرفة.
ونقل الدسوقي عن البرهان اللَّقَّاني أنه لا ينبغي ذم هؤلاء كما فعل السنوسي لأن قصدهم من ذِكْرِهَا في كتبهم كان لأجل الرد عليها!
فتأملوا في ألوان التكفير والتعصب والخلاف والتشنيع
_________(تعليقات مفيدة)_______________
هَذَا الكَلَامُ سَيِّدِي شَبِيهٌ بِهِ مَا قَالَهُ شِهَابُ الدِّين المَرْجَانِي الحَنَفِي ((المَاتُرِيدِي))، فِي ((حَاشِيَتِهِ)) عَلَى شَرْحِ الجَلَالِ الدَّوَانِي لِـ العَقَائِدِ العَضُدِيَّةِ، إِذْ قَالَ:
[فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الخَطِيبِ الرَّازِي فِي أَوَاخِرِ المِائَةِ السَّادِسَةِ مِنَ الهِجْرَةِ، وَاِشْتَهَرَ بِالتَّبَحُّرِ فِي العُلُومِ، وَانْتَشَرَ خَبَرُهُ وَأَمْرُ أَمْرِهِ؛ فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ إِمَاماً فِي العُلُومِ النَّقْلِيَّةِ وَالفُنُونِ العَقْلِيَّةِ، ((فَذَهَبَ بِهِمْ كُلَّ مَذْهَبٍ وَلَعِبَ بِعُقُولِهِمْ كُلَّ مَلْعبٍ))، ((وَالرَّجُلُ عَاطِلٌ)) مِنَ التَّحْقِيقِ وَالوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الحَقِّ فِي كِلَا الصَّنَاعَتَيْنِ، ((وَآرَاءُهُ الرَّكِيكَةُ)) هِيَ التِي يَتَدَاوَلُهَا عَامَّةُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ عَلَى زَعْمِ أَنَّهَا السُّنَّةُ وَالجَمَاعَةُ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الحَقِّ وَالفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ، وَحَاشَاهُمْ عَنْهَا ثُمَّ حَاشَا]