بسم الله الرحمن الرحيم
تخريج حديث: (أنت ومالك لأبيك):
روى البيهقي في كتابه: "السنن الكبرى" (7/480): بإسناده عن: [الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، أنا ابن عيينة، عن محمد بن المنكدر، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
يا رسول الله إن لي مالاً وعيالاً وإن لأبي مالاً وعيالاً يريد أن يأخذ مالي فيطعمه عياله! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
((أنت ومالك لأبيك))]
قال البيهقي عقبه: [هذا منقطع وقد روي موصولاً من أوجه أخر ولا يثبت مثلها].
ورواه ابن حبان في صحيحه (2/142) و (10/74) وقال عقبه:
[قال أبو حاتم: معناه أنه صلى الله عليه وآله وسلم زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبيين وأمر ببره والرفق به في القول والفعل معاً إلى أن يصل إليه ماله فقال له: (أنت ومالك لأبيك) لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته من غير طيب نفس من الابن به].
والعجيب أن محقق ابن حبان صححه في الموضع الأول وضعفه في الموضع الثاني والإسناد هو هو.
وقال البيهقي في معرفة السنن الآثار (1/57):
[قال الشافعي: ومحمد بن المنكدر غاية في الثقة، والفضل في الدين والورع، ولكنا لا ندري عمن قبل هذا الحديث. قال الشيخ أحمد (البيهقي): وقد رواه بعض الناس موصولاً بذكر جابر فيه وهو خطأ. وقوله: إن لأبي مالاً، ليس في رواية من وصل هذا الحديث من طريق آخر عن عائشة، ولا في أكثر الروايات عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. والله أعلم].
وقد أورد الحديث ابن أبي حاتم في كتاب "علل الحديث" (1/466و469و472).
وهو معارض لنص القرآن، ومن ذلك:
1- أن الله تعالى جعل للأب من ميراث ابنه سهماً أو جزءاً معلوماً، فلو كان مال الابن للأب فإن الأب يضع يده على مال ابنه المتوفى ويقول هو لي وليس لأحد أن يرثه، قال تعالى: {..وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ..} النساء:11.
فدل هذا على أن الأب لا يملك مال ابنه لا يملك المال.
2- قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} النساء:4، وهو عام للزوج والولي ولكل أحد، فقد جعل الله تعالى المرأة مالكة لصداقها أي مهرها فليس لأحد أن يتصرَّف فيه لأنه حقهنَّ الشرعي بنص كتاب الله تعالى، إلا إذا وهبت منه شيئاً لمن تريد كزوجها أو أبواها أو غيرهم!
وعلى فرض ثبوت الحديث أوله الإمام الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/158) فقال:
[فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَا كَسَبَهُ الِابْنُ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لِأَبِيهِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: مَا كَسَبَ الِابْنُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً دُونَ أَبِيهِ. وَقَالُوا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم هَذَا لَيْسَ عَلَى التَّمْلِيكِ مِنْهُ لِلْأَبِ كَسْبُ الِابْنِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلِابْنِ أَنْ يُخَالِفَ الْأَبَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْ تَجْعَلَ أَمْرَهُ فِيهِ نَافِذًا كَأَمْرِهِ فِيمَا يَمْلِكُ. أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» فَلَمْ يَكُنِ الِابْنُ مَمْلُوكًا لِأَبِيهِ بِإِضَافَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم إِيَّاهُ فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَالِكًا لِمَالِهِ بِإِضَافَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ].
والله تعالى أعلم.
تخريج وشرح حديث أنت ومالك لأبيك
شرح الحديث
-
- مشاركات: 19
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:33 pm
الانتقال إلى
- القرآن الكريم وتفسيره
- ↲ تفسير آية أو آيات كريمة
- ↲ أبحاث في التفسير وعلوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف وعلومه
- ↲ قواعد المصطلح وعلوم الحديث
- ↲ تخريج أحاديث وبيان مدى صحتها
- ↲ شرح الحديث
- ↲ التراجم والرجال: الصحابة والعلماء وغيرهم
- ↲ أحاديث العقائد
- العقائد والتوحيد والإيمان
- ↲ القواعد والأصول العقائدية
- ↲ مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
- ↲ أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
- ↲ قضايا ومسائل لغوية تتعلق بالعقائد
- ↲ الفرق والمذاهب وما يتعلق بها
- ↲ عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها
- التاريخ والسيرة والتراجم
- ↲ السيرة النبوية
- ↲ قضايا تاريخية
- ↲ سير أعلام مرتبطة بالتاريخ والأحداث السياسية الغابرة
- ↲ معاوية والأمويون والعباسيون
- الفكر والمنهج والردود
- ↲ توجيهات وتصحيح لأفكار طلبة العلم والمنصفين من المشايخ
- ↲ الردود على المخالفين
- ↲ مناهضة الفكر التكفيري والرد على منهجهم وأفكارهم
- ↲ أسئلة وأجوبة عامة
- الفقه وأصوله
- ↲ القواعد الأصولية الفقهية
- ↲ مسائل فقهية عامة
- ↲ المذهب الحنفي
- ↲ المذهب المالكي
- ↲ المذهب الشافعي
- ↲ المذهب الحنبلي
- علوم اللغة العربية
- ↲ النحو والصرف
- ↲ مسائل لغوية ومعاني كلمات وعبارات
- الكتب الإلكترونية
- ↲ كتب العلامة المحدث الكوثري
- ↲ كتب السادة المحدثين الغماريين
- ↲ كتب السيد المحدث حسن السقاف
- ↲ كتب مجموعة من العلماء
- المرئيات
- ↲ العقيدة والتوحيد: شرح متن العقيدة والتوحيد