والمراد بالإجماع إجماع جميع فرق الإسلام المعتبرة وليست طائفة من طوائف أهل الإسلام بالخصوص فإجماع أهل السنة وحدهم ليس بحجة ما لم ينضم له إجماع فرق الإسلام الأخرى
وقد نص على ذلك جهابذة الأصوليين وإليكم بعض ذلك:
قال الإمام الغزالي في "المستصفى" (1/144) ما نصه:
[مسألة: المبتدع إذا خالف لم ينعقد الإجماع دونه إذا لم يكفر بل هو كمجتهد فاسق وخلاف المجتهد الفاسق معتبر....].
ونص على ذلك أيضاً الشيخ عبد القاهر البغدادي - مع كونه من جملة المتعصبين على المعتزلة ومن جملة الناقلين عنهم نقولاً لا تصح - فقال في كتابه "أصول الدين" ص (13):
[لا اعتبار في مثل هذا بخلاف أهل الأهواء من الروافض والقدرية والخوارج والجهمية والنجارية لأن أهل الأهواء لا اعتبار بخلافهم في أحكام الفقه وإن اعتبرنا خلافهم في أبواب علم الكلام].
اعترف صاحبنا البغدادي أنه يعتبر خلافهم في أبواب علم الكلام أي أصول الدين فلا ينعقد الإجماع بدونهم، ولا عبرة بقوله (أهل الأهواء)! كما لا عبرة بعدم اعتبار خلافهم في الفروع ما دام خلافهم معتبر في الأصول.
وقال الإمام الفخر الرازي في "المحصول" (4/256):
[فإن لم نكفرهم اعتبرنا قولهم لأنهم إذا كانوا من المؤمنين ومن الأمة كان قول من عداهم قول بعض المؤمنين فلا يكون حجة].
وقال الشيخ عبد الوهاب خلاف في كتابه "أصول الفقه" حاكيا ضوابط الإجماع:
[الثاني: أن يتفق على الحكم الشرعي في الواقعة، جميع المجتهدين من المسلمين في وقت وقوعها، بصرف النظر عن بلدهم أو جنسهم أو طائفتهم، فلو اتفق على الحكم الشرعي في الواقعة، مجتهدو الحرمين فقط، أو مجتهدو العراق فقط، أو مجتهدو الحجاز، أو مجتهدو آل البيت أو مجتهدو أهل السنة دون مجتهدي الشيعة، لا ينعقد شرعا بهذا الاتفاق الخاص إجماع؛ لأن الإجماع لا ينعقد إلا بالاتفاق العام من جميع مجتهدي العالم الإسلامي في عهد الحادثة، ولا عبرة بغير المجتهدين].
والله تعالى أعلم.