نصوص علماء أهل السنة وخاصة الأشاعرة في أن الإجماع المعتد به هو إجماع الأمة وليس أي طائفة من الطوائف:

القواعد والأصول العقائدية
أضف رد جديد
cissoso
مشاركات: 82
اشترك في: الجمعة أكتوبر 27, 2023 7:01 pm

نصوص علماء أهل السنة وخاصة الأشاعرة في أن الإجماع المعتد به هو إجماع الأمة وليس أي طائفة من الطوائف:

مشاركة بواسطة cissoso »

أي لا أهل السنة وحدهم ولا غيرهم وحدهم! لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تجتمع أمتي على ضلالة) ولم يقل: (لا تجتمع طائفة كذا على ضلالة):

والمقصود هنا بيان أن إجماع أهل السنة وحدهم لا يكفي خلافاً لما يتوهمه بعض المعاصرين المتعصبين المنغلقين من عدة اتجاهات ومذاهب ومشارب:

قال إمام الحرمين (ت478هـ) في "البرهان" (1/442): [والحجة في إجماع المسلمين، والمبتدع إن كفرناه لم نعتبر خلافه ووفاقه، وإن لم نكفره فهو من المعتبرين إذا استجمع شرائط المجتهدين، وقد قَبِلَ الشافعيُّ شهادةَ أهل الأهواء..].

وقال الإمام الغزالي (ت 505هـ) في "المستصفى" (1/183): [مسألة: المبتدع إذا خالف لم ينعقد الإجماع دونه إذا لم يكفر؛ بل هو كمجتهد فاسق؛ وخلاف المجتهد الفاسق معتبر..].

وقال الآمدي (ت551هـ) في "الإحكام في أصول الأحكام" (1/257): [المسألة السادسة المجتهد المطلق إذا كان مبتدعاً: لا يخلو إما أن لا يكفر ببدعته أو يكفر، فإن كان الأول فقد اختلفوا في انعقاد الإجماع مع مخالفته نفياً وإثباتاً... والمختار أنه لا ينعقد الإجماع دونه لكونه من أهل الحل والعقد وداخلاً في مفهوم لفظ الأمة المشهود لهم بالعصمة وغايته أن يكون فاسقاً وفسقه غير مُخِلٍّ بأهلية الاجتهاد].

وممن اعترف بذلك أيضاً الشيخ عبد القاهر البغدادي (ت429هـ)- مع كونه من جملة المتعصبين على المعتزلة ومن جملة الناقلين عنهم نقولاً لا تصح - فقال في كتابه "أصول الدين" ص (13): [لا اعتبار في مثل هذا بخلاف أهل الأهواء من الروافض والقدرية والخوارج والجهمية والنجارية لأن أهل الأهواء لا اعتبار بخلافهم في أحكام الفقه وإن اعتبرنا خلافهم في أبواب علم الكلام]. اعترف صاحبنا البغدادي هنا أنه يُعْتَبَرُ خلافهم في أبواب علم الكلام أي أصول الدين فلا ينعقد الإجماع بدونهم، ولا عبرة بقوله (أهل الأهواء)! كما لا عبرة بعدم اعتبار خلافهم في الفروع ما دام خلافهم معتبر في الأصول.

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في "شرح صحيح مسلم" (1/150): [واعلم أنَّ مذهب أهل الحق أنَّه لا يُكَفَّر أَحَدٌ من أهل القبلة بذنْبٍ ولا يُكَفَّر أهل الأهواء والبدع..].

وقال الإمام الفخر الرازي (ت606هـ) في "المحصول" (4/256): [فإن لم نكفرهم اعتبرنا قولهم لأنهم إذا كانوا من المؤمنين ومن الأمة كان قول من عداهم قول بعض المؤمنين فلا يكون حجة].

وقال الإمام النووي (ت676هـ) في "المجموع شرح المهذب" (4/254):
[وقال القفَّال وكثيرون من الأصحاب يجوز الاقتداء بمن يقول بخلق القرآن وغيره من أهل البدع، قال صاحب العدة: هذا هو المذهب، قلت: وهذا هو الصواب، فقد قال الشافعي رحمه الله: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، ولم يزل السلف والخلف يرون الصلاة وراء المعتزلة ونحوهم ومناكحتهم وموارثتهم وإجراء سائر الأحكام عليهم].

وقال الشيخ عبد الوهاب خلاف الأزهري في كتابه "أصول الفقه" حاكياً ضوابط الإجماع: [الثاني: أن يتفق على الحكم الشرعي في الواقعة، جميع المجتهدين من المسلمين في وقت وقوعها، بصرف النظر عن بلدهم أو جنسهم أو طائفتهم، فلو اتفق على الحكم الشرعي في الواقعة، مجتهدو الحرمين فقط، أو مجتهدو العراق فقط، أو مجتهدو الحجاز، أو مجتهدو آل البيت أو مجتهدو أهل السنة دون مجتهدي الشيعة، لا ينعقد شرعا بهذا الاتفاق الخاص إجماع؛ لأن الإجماع لا ينعقد إلا بالاتفاق العام من جميع مجتهدي العالم الإسلامي في عهد الحادثة، ولا عبرة بغير المجتهدين].

وقال السبكي والمحلي في جمع الجوامع وشرحه (2/31): [(وَإجْمَاعُ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) النَّبَوِيَّةِ (وَأَهْلِ الْبَيْتِ) النَّبَوِيِّ ... (وَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (وَالشَّيْخَيْنِ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (وَأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ) مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ (وَأَهْلِ الْمِصْرَيْنِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ غَيْرُ حُجَّةٍ) لِأَنَّهُ اتِّفَاقُ بَعْضِ مُجْتَهِدِي الْأُمَّةِ لَا كُلِّهِمْ].

أقول: إجماع أهل البيت والعترة المطهرة دليل وإشارة إلى الحق أين هو؟ ويجب التمسك به لما ورد في الكتاب والسنة من التنويه بشأنهم والتمسك بهم ومن ذلك ما رواه مسلم (2408) عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((..وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ)) فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: ((وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي))..).
ولفظه عند الترمذي (3788) وغيره: ((إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا)).
وعن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انى تارك فيكم خليفتين كتاب الله عزوجل حبل ممدود ما بين السماء والارض أو ما بين السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتى وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض)).
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (163/9): رواه أحمد واسناده جيد.
وصححه متناقض عصرنا في "صحيح الجامع" برقم (2457) وقال: (صحيح).
والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.
أضف رد جديد

العودة إلى ”القواعد والأصول العقائدية“