بيان بطلان وعدم صحة ما ينقل عن الطبري من أنه يقول بمذهب المجسمة:

أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 902
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

بيان بطلان وعدم صحة ما ينقل عن الطبري من أنه يقول بمذهب المجسمة:

Post by عود الخيزران »

بيان بطلان وعدم صحة ما ينقل عن الطبري من أنه يقول بمذهب المجسمة:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(490):
[ 107- محمد بن جرير (224 ـ 310):
490- أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر، أنا زين الأمناء الحسن ابن محمد، أنا أبو القاسم الأسدي، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنا عبد الرحمن ابن أبي نصر، أنا أبو سعيد الدينوري مستملي محمد بن جرير قال: قُرِئ على أبي جعفر محمد بن جرير الطبري وأنا أسمع في عقيدته فقال: وحسب امرئ أن يعلم أنَّ ربه هو الذي على العرش استوى فمن تجاوز ذلك فقد خاب وخسر.
تفسير ابن جرير مشحون بأقوال السلف على الإثبات فنقل في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}فصلت:11، عن الربيع بن أنس أنه بمعنى: ارتفع، ونقل في تفسير {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في المواضع كلها أي: علا وارتفع
وقد روى قول مجاهد ثم قال: ليس في فرق الإسلام من ينكر هذا لا من يقر أنَّ الله فوق العرش ولا من ينكره من الجهمية وغيرهم].

أقول في بيان بطلان وعدم صحة هذا الكلام:

هذا لا يثبت!! رواه اللالكائي (1/206) والدينوري الراوي عن ابن جرير قال عنه متناقض عصرنا في "مختصر العلو" ص (224): [لم أعرفه] وقال محقق كتاب "العلو" أ.د. عبد الله البراك (2/1055): [لم أجد له ترجمة]. مع أن ترجمته في "تاريخ دمشق" لابن عساكر (46/326) وفيها: [توفي أبو سعيد عمرو بن محمد الدينوري ورَّاق أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بدمشق يوم الجمعة لأربع خلون من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، قال عبدالعزيز: حدَّث عن جرير بكتاب التعبير وغيره وحدَّث عن غيره ثقة مأمون]. وفي السند: أبو القاسم الأسدي وهو: (الحسين بن الحسن بن محمد المعروف بابن البن) ترجمته في "التحبير في المعجم الكبير" (1/227) للسمعاني وقال: [كان شيخاً مستوراً ولم يكن بذاك لأن صاحبنا أبا القاسم علي ابن الحسن الدمشقي كان يسئ الرأي فيه]. وقد أحال متناقض العصر لما اعترف أنه لم يجد للدينوري ترجمة على سند آخر لعقيدة ابن جرير الطبري في سنة اللالكائي وبعد الرجوع إليه في اللالكائي (1/183) وجدت في السند أبو بكر أحمد بن كامل وهو ضعيف طعن فيه الدارقطني كما في ((لسان الميزان)) (1/270) نقلاً عن الذهبي حيث قال: [أحمد بن كامل بن شجرة القاضي البغدادي الحافظ لينه الدارقطني وقال كان متساهلاً ومشاه غيره وكان من أوعية العلم وكان معتمداً على حفظه فَيَهِمُ]. أي فتقع له أوهام وأخطاء. وقال الخطيب في تاريخه (4/357): [سأل أبو سعد الإسماعيلي أبا الحسن الدارقطني عن أبى بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي فقال: كان متساهلاً وربما حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه، وأهلكه العجب، فإنه كان يختار ولا يضع لأحد من العلماء الأئمة أصلاً، فقال له أبو سعد: كان جريرى المذهب. قال أبو الحسن: بل خالفه واختار لنفسه وأملى كتاباً في السير وتكلَّم على الأخبار]. وابن جرير كان منزهاً في الجملة وإن وقعت في كتاب التفسير بعض الهفوات إن لم تكن مدسوسة عليه في ذلك التفسير، وقد قال في قضية الاستواء في تفسيره (1/192) إنّ العلو هو: ((علو مُلْك وسلطان لا علو انتقال وزوال)). وله تأويلات كثيرة في تفسيره وينقل ذلك عن السلف بالأسانيد مما تدل على أنه لم يكن على مشرب المجسمة!! ويؤكد ذلك عداوة الحنابلة له فآذوه كما هو مشهور في سيرته!! فليتأمل!!
وهذا نص العقيدة التي رواها اللالكائي: [فَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَيْفَ كُتِبَ وَكَيْفَ تُلِيَ... فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ... فَهُوَ بِاللَّهِ كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ وَبَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَرِيءٌ مِنْهُ؛... فَمَنْ رَوَى عَنَّا, أَوْ حَكَى عَنَّا أَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا أَوِ ادَّعَى عَلَيْنَا أَنَّا قُلْنَا غَيْرَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ وَلَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا, وَهَتَكَ سِتْرَهُ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ... فَإِنَّ أَبَا إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيَّ حَدَّثَنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ: اللَّفْظِيَّةُ جَهْمِيَّةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} مِمَّنْ يَسْمَعُ... وَيَعْلَمُ أَنَّ رَبَّهُ هُوَ الَّذِي {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى}. فَمَنْ تَجَاوَزَ ذَلِكَ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ... فَمَنْ رَوَى خِلَافَ ذَلِكَ أَوْ أَضَافَ إِلَيْنَا سِوَاهُ أَوْ نَحَلَنَا فِي ذَلِكَ قَوْلًا غَيْرَهُ فَهُوَ كَاذِبٌ, فَهُوَ مُفْتَرٍ مُعْتَدٍ مُتَخَرِّصٌ, يَبُوءُ بِإِثْمِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ, وَعَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ وَلَعْنَتُهُ فِي الدَّارَيْنِ...]. وهذا النص فيه المؤاخذات التالية:
1- فيه اللعن واستباحة الدم والرمي بالكفر كما ترى!
2- ضعف الإسناد إليه. وقد تبين ذلك فيما سبق من فحص إسناده.
3- أن تفسيره مشحون بالتأويل. والذهبي يدّعي خلاف ذلك فيقول مثلاً في "سير أعلام النبلاء" (14/280): [وهذا تفسير هذا الإمام مشحون في آيات الصفات بأقوال السلف على الإثبات لها، لا على النفي والتأويل، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين أبداً]. وأهل العلم يعلمون أن تفسير ابن جرير مشحون بالتأويل ومليء بتأويلات السلف وتفسيراتهم في موضوع الصفات! كتأويلات ابن عباس رضي الله عنه وغيره.
4- مناصبة الحنابلة العداء له كما هو مشهور. قال الذهبي في "السير" (14/280): [وقد وقع بين ابن جرير وبين ابن أبي داود، وكان كل منهما لا ينصف الآخر، وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داود، فكثروا وشغبوا على ابن جرير، وناله أذى، ولزم بيته، نعوذ بالله من الهوى. وكان ابن جرير من رجال الكمال، وشنع عليه بيسير تشيع، وما رأينا إلا الخير]. وقال الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/164): أن ابن خزيمة قال عن ابن جرير: [وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير ولقد ظلمته الحنابلة]. وقال ابن الجوزي في "المنتظم" (13/217): [وَكَانَ قد رفع في حقه أَبُو بكر بْن أبي داود قصة إلى نصر الحاجب يذكر عنه أشياء فأنكرها، منها: أنه نسبه إلى رأى جهم، وَقَالَ: إنه قائل: {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ} أي: نعمتاه، فأنكر هذا، وَقَالَ ما قلته، ومنها: أنه روى أن روح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لما خرجت سالت في كف عَلي فحساها، فَقَالَ: إنما الحديث مسح بها على وجهه وليس فيه حساها. وهذا أيضاً محال إلا أنه كتب ابن جرير في جواب هذا إلى نصر الحاجب: لا عصابة في الإسلام كهذه العصابة الخسيسة، وهذا قبيح منه، لأنه كَانَ ينبغي أن يخاصم من خاصمه، وأما أن يذم طائفته جميعاً وهو يدري إلى من ينتسب فغاية في القبح]. ويعني بهذه الطائفة الخسيسة الحنابلة عصابة أبي بكر بن أبي داود! وهم كذلك! وقد انتقدهم ابن الجوزي نفسه في "دفع شبه التشبيه" فقال ص (97من طبعتنا): [ورأيت من أصحابنا مَنْ تكلَّم في الأصول بما لا يصلح، وانتدب للتصنيف ثلاثة: أبو عبد الله بن حامد، وصاحبه القاضي (أبو يعلى)، وابن الزاغوني، فصنفوا كتباً شانوا بها المذهب، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحس.. وأخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات، فسموها بالصفات تسمية مبتدعة.. وقد نصحت التابع والمتبوع..]. وابن الجوزي إنما ذَكَرَ ما ذكره في "المنتظم" وتظاهر بإنكار ذلك على ابن جرير إما قبل أن يتَّجه إلى عقيدة التنزيه وإما أنه قال ذلك اتقاء شر أصحابه الحنابلة!
5- أقوال الطبري هذه التي في العقائد إن قالها فعلاً وثبتت عنه فإنما قالها في جو التهديد والإيذاء.
6- العقيدة مليئة بالنصوص الحديثية والآثار الضعيفة، وهذا غريب. مما يدل على أنها مكذوبة عليه.
والعجيب أننا نجد في كتاب "التبصير في معالم الدين" ص (160) الذي نسبوه للطبري - بعد أن تعرف ما نقلناه من العقيدة المروية عنه عند اللالكائي وغيره -: [وأما الذين نقموا على أهل المعاصي معاصيهم، وشهدوا على المسلمين -بمعصية أتوها، وخطيئةٍ فيما بينهم وبين ربهم تعالى ذكره ركبوها- بالكفر، واستحلوا دماءهم وأموالهم من الخوارج]. والخلاصة أن قول الطبري ليس نص الشارع المعصوم ولا نعرف في أي ظرف قاله - وهو تحت التهديد والإيذاء – فلا عبرة بأي شيء من ذلك مخالف لما تقرر عندنا من الحق المؤيد بنصوص الكتاب والسنة الثابتة وفهم عقل العالم المتمكن منهما!

ونقله من تفسير الطبري تفسير " استوى" ، فنقول:
هذا لا يثبت انظر التعليق على النص رقم (380و402و464) من كتاب " العلو" لتدرك أن كل ذلك لم يثبت وهو مكذوب على أئمة السلف. ابن جرير صرَّح في أوائل تاريخه (1/13) بما يعكر على كلام هؤلاء المجسمة إذ قال: ((فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعـه، من أجل أنه لم يعرف له وجهاً من الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت من قبلنا، وإنما أُتِيَ من قِبَل بعض ناقليه إلينا، وإنَّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُدّيَ إلينا)). وقد تقدَّم هذا فتأملوا!!

قوله أن الذي ينكر قوية الله الحسية أنه جهمي ،فنقول: غير صحيح وقد تقدَّم الكلام عليه في النص (425) فارجع إليه إن شئت، وقد بينَّا هناك أن الذهبي حرَّف كلامه ولم ينقله بحروفه!!
Post Reply

Return to “أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم”