بطلان استدلال المجسمة بالمجاهيل كأبي الحسن بن مهدي؛ فيما ينصر عقيدتهم:

عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 902
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

بطلان استدلال المجسمة بالمجاهيل كأبي الحسن بن مهدي؛ فيما ينصر عقيدتهم:

Post by عود الخيزران »

بطلان استدلال المجسمة بالمجاهيل كأبي الحسن بن مهدي؛ فيما ينصر عقيدتهم:

قال الذهبي في كتابه "العو" النص رقم(526):
[ أبو الحسن بن مهدي المتكلم :
526- قـال الإمام أبو الحسن علي بن مهدي الطبري تلميذ الأشعري في كتـاب ((مُشْكل الآيات)) له في باب قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}: اعلم أنّ الله في السماء فوق كل شيء، مستوٍ على عرشه بمعنى أنّه عالٍ عليه، ومعنى الاستواء: الاعتلاء كما تقول العرب استويت على ظهر الدابة واستويت على السطح، بمعنـى علوته، واستوت الشمس على رأسي، واستوى الطير على قمة رأسي، بمعنى علا في الجو فوُجِدَ فوق رأسي، فالقديم جلّ جلاله عال على عرشه، يدلك أنه في السماء عال على عرشه قوله: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}الملك:16، وقوله: {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}آل عمران:55، وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}فاطر:10، وقوله: {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ}السجدة:5. وزعم البَلْخي أنّ استواء الله على العرش هو الاستيلاء عليه مأخوذ من قول العرب: استوى بشر على العراق، أي استولى عليها، وقال: إن العرش يكون المُلك، فيقال له: ما أنكرت أن يكون عرش الله جسماً خلقه وأمر ملائكته بحمله، قال: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}الحاقة:17، وأُمية يقول:
مَجِّدوا الله فهو للمجد أهـل
بالبناء الأعلى الذي سبق الناس

ربنا في السماء أضحى كبيرا
وسوّى فوق السماء سـريـرا

قال: ومما يدل على أن الاستواء ههنا ليس بالاستيلاء، أنه لو كان كذلك لم يكن ينبغي أن يخصّ العرش بالاستيلاء عليه دون سائر خلقه، إذ هو مستولٍ على العرش وعلى الخلق، ليس للعرش مزيّة على ما وصفته، فبان بذلك فساد قوله. ثمّ يقال له أيضاً إنّ الاستواء ليس هو الاستيلاء الذي هو من قول العرب: استوى فلان على كذا أي استولى، إذا تمكّن منه بعد أن لم يكن متمكناً، فلما كان الباري عز وجل لا يوصف بالتَّمكن بعد أن لم يكن متمكناً، لم يصرف معنى الاستواء إلى الاستيلاء.
ثم ذكر ما حدَّثه نفطويه عن داود بن علي عن ابن الإعرابي، وقد مرّ، ثمّ قـال: فإن قيل: فما تقولون في قوله {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}الملك:16، قيل له: معنى ذلك أنه فوق السماء على العرش، كما قال {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ}التوبة:2، بمعنى على الأرض، وقـال: {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}طه:71، فكذلك {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}.فإن قيل: فما تقولون في قوله {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ}الأنعام:3، قيل له: إنّ بعض القراء يجعل الوقف في {السَّمَاوَاتِ} ثمّ يبتديء {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ}الأنعام:3، وكيفما كان، فلو أنّ قائلاً قال: فلان بالشام والعراق ملك، لدلَّ على أن ملكه بالشام والعراق لا أنّ ذاته فيهما، إلى أن قال: وإنما أمرنا الله برفع أيدينا قاصدين إليه برفعهما نحو العرش الذي هو مستوٍ عليه.
الطبري رأس في المتكلمين، صنّـف التصانيف، وصحب أبا الحسن الأشعري، ذكره الحافظ أبو القاسم في طبقات أصحاب أبي الحسن وأثنى عليه، ولا أعلم متى توفـي].


أقول في بيان بطلان هذا الكلام و كشف مذهب المجسمة وأنهم يتعلقون بالمجاهيل والمناكير:

هذا الرجل أبو الحسن بن مهدي ؛ مجهول الحال والمولد والوفاة!! ذكره ابن عساكر الحافظ في"تبيين كـذب المفتري" ص (195) وسمَّاه: ((علي بن محمد بن مهدي الطبري)) ولم أقف له علـى ترجمـة إلا في "تبيين كذب المفتري" ص (195)!!
وكذلك في "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي (3/466) وفي "بغية الوعاة" للسيوطي (2/208/1807) وغيرها ولكنها ترجمة غامضة ولم يعرفوا فيها سنة ولادته ولا سنة وفاته! وإنما هي تجميع بعض الأقوال!
وذكر ابن عساكر أنَّ له كتاباً اسمه: ((تأويل الأحاديث المشكلات الواردة في الصفات)) حيث قال ابن عساكر هناك: [وهو الذي ألف الكتاب المشهور في تأويل الأحاديث المشكلات الواردة في الصفات]. فهو على هذا مؤوِّل وهذا الأمر يفيدنا أنه كان مخالفاً للعقيدة التي يريدها الذهبي وشيعتـه!! فأتوا له باسم كتاب جديد أو حرَّفوا اسم كتابه فسمَّوه ((مشكل الآيات))!! فانتبهوا لذلك!! على أنه لو قال هذا الكلام فهو على طريقة الأشعري والباقلاني في التقرّب إلى الحنابلة والسير على منوالهم! ولا عبرة بذلك!
وتفسيره الاستواء بالاعتلاء نقول فيه:وهل كان أولاً غير عال عليه ثم صار له اعتلاء عليه؟
ثُمَّ إذا وصفنا استواء الله بالاستواء على ظهر الدابة وعلى السطح فهذا تشبيه محض!!

وكل هذه المعاني للاستواء ــ التي نُقلت على لسان هذا المجهول ــ ؛ هي في استواء المخلوق وليس في استواء الخالق!! وقد بيَّن البيهقي وهو الناقل الأمين من كتاب ابن مهدي ـ خلافاً للذهبي في مثل هذه المضايق ـ عقب هذا قول ابن مهدي: (والقديم سبحانه عال على عرشه لا قاعد ولا قائم ولا مماس ولا مباين عن العرش...) وشرح ذلك البيهقي وبينه عقبه!! انظر "الأسماء والصفات" ص (410)!! فما نقله الذهبي هنا محرَّف مزوَّر إما من قِبَله وإمَّا من قِبَل النسخة التي نقل عنها فإنها مُزَوَّرَة حقاً!! وقد وقع منه النقل المبتور المحرَّف المزوَّر أيضاً في نقل كلام ابن فُوْرَك (رقم الترجمة 138) فانظر تعليقاتنا هناك!!
وجميع هذه الآيات ــ الواردة في نقل الذهبي ــ قد تقدَّم الجواب عليها في أول الكتاب!! فارجع إليها إن شئت!!

معنى الآية الكريمة {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}الحاقة:17: أنَّ المُلْك أي إدارة الموقف يوم القيامة وسَوْق الناس إلى الجنة أو إلى النار يكون من وظيفة ثمانية صفوف من الملائكة!! لأنَّ الله تعالى ذكر قبل ذلك: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ...} الآية.
ومعنى العرش عندنا هو جميع الخلق وليس جسماً مخصوصاً، فيكون معنى الآية كما قدَّمنا: أنّ إدارة الموقف يوم القيامة موكولٌ حَمْلُهُ وسوق الخلق إلى جزائهم لثمانية صفوف من الملائكة. ويُحْمَلُ قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} هود:7، على أنَّ جميع الخلق وهو مُلْكُ الله تعالى ابتدأ الله تعالى خلقه من ماء، فحينئذٍ يكون معنى لفظة (على) في الآية الكريمة هو (مِنْ). قال ابن عادل الحنبلي (775-880هـ) في تفسيره (3/249) والفخر الرازي (ت606هـ) كذلك (7/12): [القول الرابع ما اختاره القفال وهو أن المقصود من هذا الكلام تصوير عظمة الله وكبريائه وتقريره أنه تعالى خاطب الخلق في تعريف ذاته وصفاته بما اعتادوه في ملوكهم وعظمائهم من ذلك أنه جعل الكعبة بيتاً له يطوف الناس به كما يطوفون ببيوت ملوكهم وأمر الناس بزيارته كما يزور الناس بيوت ملوكهم، وذكر في الحجر الأسود أنه يمين الله في أرضه ثم جعله موضعاً للتقبيل كما يقبل الناس أيدي ملوكهم، وكذلك ما ذكر في محاسبة العباد يوم القيامة من حضور الملائكة والنبيّين والشهداء ووضع الموازين فعلى هذا القياس أثبت لنفسه عرشاً في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ووصف العرش بقوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء} ثم قال: {وَتَرَى الملائكة حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العرش} ثم قال: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} وقال: {الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ}، وكذلك إثبات الكرسيّ]. وقال النيسابوري (ت850هـ) في تفسيره (2/117): [المقصود من الكلام تصوير عظمة الله وكبريائه ولا كرسي ثَمَّ ولا قعود ولا قاعد . واختاره جمع من المحققين كالقفال والزمخشري]. القفال (291-365هـ) والزمخشري (476-538هـ).

ونقله لأبيات شعر أمية الكافر الجاهلي ليس شرعاً واجب الاتباع!! وإنما هو خرافات يجب الإعراض عنهـا!!

والنتيجة التي خّلُصَ إليها غير صحيحة!! فإن ثبت هذا عنه فهذا يدل على أنه على طريقة الأشعري والباقلاني المرفوضة في الصفات في إثبات الاستواء واليدين والعينين! وهذا ليس بحجة! وهذه الطريقة متأثرة بالمنهج الحنبلي في فهم نصوص الصفات! وقد ذكر البيهقي في "الأسماء والصفات" (2/308/870) هذا عن ابن مهدي الطبري صاحب الترجمة لكن يظهر أن الكلام للبيهقي (2/308) لا للطبري إلا أول جملة منه وهي ما سأميزها بالخط العريض (المُمَيَّز): [وذهب أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري في آخرين من أهل النظر إلى أن الله تعالى في السماء فوق كل شيء مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه، ومعنى الاستواء: الاعتلاء، كما يقول: استويت على ظهر الدابة، واستويت على السطح. بمعنى علوته، واستوت الشمس على رأسي، واستوى الطير على قمة رأسي، بمعنى علا في الجو، فوجد فوق رأسي. والقديم سبحانه عال على عرشه لا قاعد ولا قائم ولا مماس ولا مباين عن العرش، يريد به: مباينة الذات التي هي بمعنى الاعتزال أو التباعد، لأن المماسة والمباينة التي هي ضدها، والقيام والقعود من أوصاف الأجسام، والله عز وجل أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، فلا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام تبارك وتعالى]. فهذا التحليل والكلام كما يظهر للبيهقي وليس لابن مهدي! وقد يكون البيهقي نقل جزءاً من كلامه وفسَّره ولم يتمه!
أما نقله عن نفطويه فقد مرَّ الرد عليه وتزييفه في ترجمة ابن الأعرابي الترجمة (68) من كتاب " العلو" فارجع إليه إن شئت!!

و كلامهم عن حرف " في " ليس كذلك!! لأنَّ لفظة (في) في حق الله تعالى المنزَّه عن الزمان والمكان لا تشابـه لفظـة (في) التي تستعمل في حق المخلوق المرتبط بالزمان والمكان!! فافهم وتنبَّه!! ولا تغفل عن بهرج كلامهم!!
وما ينقل من آثار حول رفع الأيدي نحو العرش فلم يثبت هذا!! وقد أجبنا على جميع النصوص الواردة في هذا النص!! وعلى كل الأحوال فالحجة في الدليل لا بأقوال الرجال ولا بمن قال!! ويحتمل أن يكون هذا الكلام برمَّته مدسوساً على هذا الرجل (أبو الحسن بن مهدي)! وخاصة أنه مجهول ولا تُعْلم سنة ولادته ولا سنة وفاته! فتأمَّل!
وثناء الذهبي ــ كعادته ــ هو ثناء على مجهول من كيس الذهبي لا معنى له!!
و " طبقات أصحاب أبي الحسن " يريد منها الذهبي أنه ذُكر في ((تبيين كذب المفتري)) ص (195).
Post Reply

Return to “عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها”