بيان بطلان حديث محمد بن إسحاق الذي جاء فيه : (فإذا هو ومن تبعه يسجدون على وجوههم ويزعمون أنَّ إلههم في السماء):
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ حديث محمد بن إسحق، حدثني يزيد بن سنان، عن سعيد بن الأجيرد عن العرس بن قيس الكندي، عن عدي بن عميرة قال: كان بأرضنا حبر من اليهود يقال له: ابن شهلاء، فالتقيتُ أنا وهو، فقال: إنّي أجد في كتاب الله أنَّ أصحاب الفردوس قوم يعبدون ربهم على وجوههم، لا والله ما أعلم هذه الصفة إلا فينا معشر اليهود، وأجد نبياً يخرج من اليمن لا نراه يخرج إلا منا.
قال عدي: فوالله ما لبثت حتى بلغنا أنَّ رجلاً من بني هاشم قد تنبأ، فذكرت حديث ابن شهلاء، فخرجت إليه، فإذا هو ومن تبعه يسجدون على وجوههم ويزعمون أنَّ إلههم في السماء ، هذا حديث غريب].
أقول في بيان بطلان هذا الحديث:
يزيد بن سنان: قال النسائي في "الضعفاء" برقم (650): [يزيد بن سنان أبو فروة متروك الحديث رهاوي]. وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9/266): عن [..يحيى بن مَعِين يقول: أبو فروة يزيد بن سنان جزري روى عنه الكوفيون ليس حديثه بشيء. نا عبد الرحمن قال سألت أبى عن يزيد بن سنان فقال: محله الصدق والغالب عليه الغفلة يُكْتَب حديثه ولا يُحْتَج به] وذكر أن علي بنَ المَدِيني وأبا زُرْعَة ضعَّفاه. وقال أبو داود كما في سؤلات الآجُرِّي: ((ليس بشيء)). وقال يعقوب بن سفيـان في ((المعرفة والتاريخ)): ((ضعيف)) وكذا ضعَّفه الدارقطني في سننه (1/172).
و سعيد بن الأجيرد: مجهول عندنا لم نقف له على ترجمة ولعله محرّف أو مصحف من اسم آخر.
و العرس بن قيس الكندي، صحابي واسمه في كتب الرجال العرس بن عميرة وربما كانت أمه. وشيخه هنا هو أخوه. تجد إثبات ذلك في كتاب "المراسيل" لابن أبي حاتم ص (152) برقم (557). وذكره الحافظ ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة أخيه عدي بن عميرة برقم (5491) فقال: [روى عنه أخوه العرس وله صحبة]. وانظر "الاستيعاب" لابن عبد البر (3/1062ترجمة 1793-1794) وتأمل ما ذكره الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (7/158). وجهله البراك في تخريج "العلو" فقال: [لم أجد له ترجمة].
و قوله (فخرجت إليه) الراجح عندنا إن صحَّ أنه خرج لابن شهلاء ليقول له ليس النبي الذي بُعِثَ يهودياً منكم كما زعمت. فوجد الحبر وأصحابه فيهم هذه الصفة.
و إسناد هذا الحديث واهٍ كما تقدَّم في الكلام على بعض رجاله في التعليقات السابقة. رواه ابن قدامة في كتاب "صفة العلو" برقم (7) وسيأتي في هذا الكتاب برقم (45) والراوي عن ابن إسحاق كما سيأتي برقم (45) هو: (زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي أبو يزيد الكوفي) اختلف فيه رأي ابن مَعِين وضعفه في رواية كما في "تهذيب الكمال" (9/488) ومما قاله هناك: [وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: ذكرت ليحيى بن مَعِين رواية منجاب عن إبراهيم بن يوسف عن زياد المغازي فقال: كان زياد ضعيفاً. وقال عبد الله بن علي ابن المَدِيني: سألت أبي عنه فضعفه. وقال في موضع آخر كتبت عنه شيئاً كثيراً وتركته، وقال أبو زرعة: صدوق. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي: ضعيف. وقال في موضع آخر: ليس بالقوي. وقال محمد بن سعد هو من بني عامر بن صعصعة سمع المغازي من محمد بن إسحاق وقدم بغداد فحدثهم بها وبالفرائض ثم رجع إلى الكوفة فمات بها سنة ثلاث وثمانين ومائة في خلافة هارون وكان عندهم ضعيفاً، وقد حدَّثوا عنه. وقال يحيى بن آدم عن عبد الله بن إدريس: ما أحد أثبت في ابن إسحاق من زياد البكائي لأنه أملى عليه إملاء مرَّتين أرادوا رجلاً أن يكتب لرجل من قريش فجاء زياد حتى أملى عليه لذلك الرجل. وقال صالح بن محمد الحافظ: ليس كتاب المغازي عند أحد أصح منه عند زياد البكائي، وزياد في نفسه ضعيف، ولكن هو من أثبت الناس في هذا الكتاب]. وهذه القصة ليست في سيرة ابن إسحاق فهي من ضعيف روايات البكائي. والراوي عن البكائي (عبد الله بن سعيد) قال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (9/470): [عبد الله بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية أبو محمد القرشي ثم الأموي، أخو محمد ويحيى وعنبسة وعبيد وأبان بنى سعيد وهو كوفى نزل بغداد وحدَّث بها عن زياد بن عبد الله البكائي، روى عنه بن أخيه سعيد بن يحيى وكان ثقة..]. قلت: توثيقه نقله الخطيب عن الدارقطني من سؤالات البرقاني للدارقطني "موسوعة أقوال الدارقطني" (23/131). لكن ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (5/104) وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5/72) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً وهذا فيه ما فيه!
وهو مع كونه واهي الإسناد فهو من جملة الموضوعات لأنه كلام أحد أحبار اليهود الذين هم منابع التشبيه والتجسيم والذين يريدون ترويج عقائدهم الفاسـدة!! ومما يبين أنه كاذب في مقالته هذه أنه زعم أنَّ النبي المنتظر يخرج من اليمن وكانت اليهودية منتشرة هناك قبل مبعث سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم!! ولا يؤثر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه أنهم كانوا يدَّعون بأنَّ الله في السمـاء!! بل كانوا يَدْعون إلى عبادة الله تعالى وحده وإلى تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه!! ولا أدلَّ على ذلك من تسبيحهم الله تعالى في ركوعهم وسجودهم كل يوم!! والتسبيح هو التنزيـه!!
ونقول للذهبي بل هو موضوع إسرائيلي!! وهذه حكاية باطلة مأخوذة من حبر يهودي مجسم من قوم يعتقدون أن معبودهم في السماء وأنه قد استلقى على العرش بعدما فرغ من خلق السماوات والأرض فتعب!! فردَّ الله تعالى عليهم باطل قولهم بقوله في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغروب} .
بيان بطلان حديث محمد بن إسحاق الذي جاء فيه : ( فإذا هو ومن تبعه يسجدون على وجوههم ويزعمون أنَّ إلههم في السماء):
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm