بطلان أثر ابن إسحاق الذي جاء بلفظ:( فلو سخر بنو آدم في مسافة ما بين الأرض إلى مكانه الذي استقـلَّ بـه على العرش، ساروا إ

أحاديث العقائد
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 902
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

بطلان أثر ابن إسحاق الذي جاء بلفظ:( فلو سخر بنو آدم في مسافة ما بين الأرض إلى مكانه الذي استقـلَّ بـه على العرش، ساروا إ

Post by عود الخيزران »

بطلان أثر ابن إسحاق الذي جاء بلفظ:( فلو سخر بنو آدم في مسافة ما بين الأرض إلى مكانه الذي استقـلَّ بـه على العرش، ساروا إليه خمسين ألف سنة قبل أن يقطعوه):

قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ سلمة بن الأبرش، حدثنا ابن إسحق قال: قال لبيد:

سوَّى فأغلق دون غرفـة عرشـه
سبعاً طباقاً دون فرع المعقـل

والأرض تحتهم مهاداً راسيـا
ثبتـت جوالقها بصم الجنـدل

لا يستطيـع الناس محو كتابـه
أنَّـى وليس قضاؤه بمبـدل

ثمَّ قال ابن إسحق: فلو سخر بنو آدم في مسافة ما بين الأرض إلى مكانه الذي استقـلَّ بـه على العرش، ساروا إليه خمسين ألف سنة قبل أن يقطعوه. إسناده معضل].

أقول في بيان بطلان هذا الأثر:

إسناده تالف ومتن منكر. سلمة بن الفضل الأبرش الراوي عن ابن إسحاق صاحب مناكير وتكلَّموا فيه، وابن إسحاق حكاه عن لبيد بلا سند! فهو منقطع! وقول لبيد وشعره ليس من الحجج الشرعية لأن قول الصحابي ليس من الأدلة الشرعية كما هو مقرر في علم الأصول.
فأما (سلمة الأبرش) فقال الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" (11/306): [قال البخاري: عنده مناكير، وَهَّنَهُ علي (يعني علي بن عبد الله ابن المَدِيني 161-234هـ). قال علي: ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديثه. وقال سعيد بن عمرو البرذعي: عن أبي زُرْعة الرازي: كان أهل الري لا يرغبون فيه لمعان فيه من سوء رأيه وظلم ومعان. وأما إبراهيم بن موسى فسمعته غير مرة وأشار أبو زرعة إلى لسانه يريد الكذب. وقال الحسين بن الحسن الرازي عن يحيى بن مَعِين: ثقة كتبنا عنه كان كيساً، مغازيه أتم ليس في الكتب أتم من كتابه. وقال عباس الدوري عن يحيى بن مَعِين: كتبت عنه وليس به بأس... وقال أبو حاتم: محله الصدق في حديثه إنكار لا يمكن أن أُطْلِقَ لساني فيه بأكثر من هذا، يُكْتَبُ حديثه ولا يحتج به. وقال محمد بن سعد كان ثقة صدوقاً وهو صاحب مغازي محمد بن إسحاق.. وقال النسائي: ضعيف. وقال أبو أحمد ابن عَدِي: عنده غرائب وإفرادات ولم أجد في حديثه حديثاً قد جاوز الحد في الإنكار وأحاديثه متقاربة محتملة]. وقال ابن حِبَّان في "الثقات" (8/287): ((يخطىء ويخالف)). والإسناد فوق ابن إسحاق معضل، ولا وجود لهذه الأبيات في سيرة ابن اسحاق فيكون هذا من الأمور التي لم يروها سلمة ابن الأبرش من السيرة، وبذلك يكون خارجاً عن المقبول من روايته عن ابن إسحاق، وهذا مما لا يقبل في الفضائل فضلاً عن الأحكام فضلاً عن العقائد!! و(لبيد بن ربيعة) صحابي شاعر، قال ابن حبان في "الثقات" (3/360): [لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب الشاعر أسلم ورجع إلى قومه ولم يقل بعد الإسلام شعراً، ثم قدم الكوفة وأقام بها إلى أن مات بها]. فعليه يكون هذا الشعر مما قاله في الجاهلية حسب الاعتقادات التي كانت سائدة في الجاهلية حينئذٍ. وهي في ديوانه ص (82) بلفظ:
[سَوَّى فأغْلَقَ دُونَ غُرَّة ِ عَرْشِه ... سَبْعاً طِباقاً فَوْقَ فَرْعِ المَنْقَلِ]. والمنقل: رأس الجبل، وفي "لسان العرب" (9/263): [قال ابن بري: الذي في شعره (دون عِزَّة عَرشه)]. وفي كتب اللغة اختلاف في بعض كلمات هذا البيت. وفي كتاب "العين" (4/406) للخليل بن أحمد: [ويقال للسَّماءِ السّابعةِ غُرفة قال لبيد: (سَوَّى فأَغْلَقَ دونَ غُرفة عَرْشِهِ ... سَبْعاً شِداداً دونَ فَرْعِ المَنقَلِ)]. أقول: فيكون المعنى: أن الله تعالى أغلق نهاية مُلْكه بالسموات السبع، لأن العرش في لغة العرب (المُلك) وفي "تهذيب اللغة" للأزهري (282-370هـ) (1/263): [والعرش في كلام العرب: سرير المَلِك، يدلُّك على ذلك سرير مَلِكَة سبأ، سماه الله جلّ وعزّ عرشاً فقال: {إِنِّى وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَىْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} النَّمل:23. قلت: والعرش في كلام العرب أيضاً: سَقْف البيت، وجمعه عروش؛ ومنه قول الله جلّ وعزّ: {أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا}... وقال ابن الأعرابي أيضاً: العرش: بناءٌ فوق البئر يقوم عليه الساقي.. قال: والعرش: المُلْك، يقال ثُلَّ عرشُه، أي زالَ مُلكه وعِزُّه]. وقال الخليل بن أحمد (100-173هـ) في كتاب "العين" (1/149): [عرش : العَرْشُ: السرير للملك. والعَريش: ما يُسْتَظلُّ به.. وعَرْشُ الرجل: قِوامُ أمرِه وإذا زال عنه ذلك قيلَ: ثُلَّ عرشُه، قَالَ زهير: (تداركتما عبساً وقد ثُلَّ عَرْشهُ ... وذبيان إذ زلَّتْ بأقدامها النّعل)].



Post Reply

Return to “أحاديث العقائد”