تفسير قول الله تعالى: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} الزمر: 56.
أقول:
قال أهل العلم : المراد ههنا من الجنب: الوحي.
والمقصود بالوحي هنا ما جاء في الوحي من أمر أو نهي، يعني في أوامر الله تعالى. قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله تعالى في ((دفع شبه التشبيه)):
[قوله تعالى: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}الزمر:56، أي في طاعته وأمره، أي لأن التفريط لا يقع إلا في ذلك، وأما الجنب المعهود من ذي الجوارح، فلا يقع فيه تفريط. وقال ابن حامد (المجسّم): نؤمن بأن لله تعالى جَنْبَاً بهذه الآية. قلت: وآعجباً من عدم العقول!! إذا لم يتهيأ التفريط في جنب مخلوق كيف يتهيأ في صفة الخالق؟! وأنشد ثعلب وفسره: ((خليليَّ كُفَّا فاذكرا الله في جنبي)) أي في أمري...]. ومن الغريب العجيب أن ترى ابن القيم يثبت لله تعالى جَنْبَينِ بهذه الآية التي لم يذكر فيها إلا لفظ جَنْبٍ واحد، ويستعمل القياس في العقيدة فيقيس الخالق عن المخلوق! وذلك في كتابه ((الصواعق المرسلة)) (1/250) . وقد روى الحافظ البيهقي في ((الأسماء والصفات)) ص (361) بإسناده عن مجاهد في قوله عز وجل: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} قال: يعني ما ضيّعت من أمر الله، وانظر أيضاً تفسير ابن جرير الطبري عند تفسير هذه الآية. ومن الغريب العجيب أن يثبت الطَّلَمَنْكي المالكي المُجَسِّم الجنب لله تعالى! وقد أنكر هذا عليه الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (17/569) فقال: [رأيت له كتاباً في السنة في مجلَّدين عامته جيد، وفي بعض تبويبه ما لا يوافق عليه أبداً، مثل: باب الجنب لله، وذكر فيــه: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} فهذه زلة عالم]!! ومثل الطَّلَمَنْكي في التجسيم أيضاً صديق حسن خان القنّوجي فقد ذكر في رسالته ((قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر)) ص (66) أن من جملة صفات الله تعالى: الجنب!!! حيث قال هناك ما نصه ص (65): ((ومن صفاته سبحانه اليد واليمين والكف والإصبع والشمال والقَدَم والرِّجْل والوجه والنَّفْس والعين والنزول والإتيان والمجيء والكلام والقول والساق والحقو والجنب...)) اهـ!!! تعالى الله عن هذا علواً كبيراً. والأدهى من ذلك ما نقله ابن فورك (ت406هـ) في "مجرد مقالات الأشعري" ص (40) عن الأشعري من إثبات الجنب لله تعالى، تعالى الله عن ذلك وتقدس! فقد جاء في الكتاب المذكور: [فأما صفات الله تبارك وتعالى.... فأما ما يثبت من طريق الخبر فلا ينكر أن يَرِدَ الخبرُ بإثبات صفاتٍ له تُعْتَقَدُ خبراً وتطلق ألفاظها سمعاً وتحقق معانيها على حسب ما يليق بالموصوف بها، كاليدين، والوجه، والجنب، والعين، لأنها فينا جوارح وأدوات، وفي وصفه نعوت وصفات..]! تعالى الله عن هذا الهراء علواً كبيراً!
تفسير قول الله تعالى: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm